الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024
منذ سنة واحدة
الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024

علي عنبر السعدي ||

مازال يلاحقني ،لا ينفع الاختباء منه ، ولا المراوغة حين يلتصق بي ،أسأله فلايجيب ،وانهره فلايبالي ،انه ظلّي ،الذي جذب كل انتباهي ،حينما قرأت عنوان رواية فتحي غانم “الرجل الذي فقد ظله” وقصيدة محمود درويش “مديح الظل العالي ” لذا صرت أراقب ظلي لأرى ماذا يفعل.
حين كنّا صغاراً، وجدنا طريقة للإستفادة من ظلالنا، ففي الليالي المقمرة، كنا نقف مجموعة في صف مستقيم بحيث تكون ظلالنا أمامنا، ثم يقوم أحدنا من مسافة معينة بدحرجة كرة صغيرة، ومن تقف الكرة على ظله، يكون هو رئيس اللعبة الذي يطارد الآخرين ليأسرهم.
لكن ما أن تجاوزت سنّ الطفولة، حتى تحول ظلي الى مجرد بليد أحمق لم أجد يوماً طريقة للاستفادة منه، الإ ذات مرّة قبل عامين في ومضة قصصية “كيف تخلصت من تلك الغولة؟؟ فتحت ظلي واختبأت فيه” بعدها تحول ظلي الى عبء لا أعرف استخدامه، ولا التخلص منه.
حينما أسيرأو أقف مستقيما ً، يكون هو منبطحاً زاحفاً، أما أجرّه ورائي كالأسير، أوأسوقه أمامي كالخروف، أو الى جانبي كمرافقي السياسيين.
وحين ألصقه على جدارعلّه يستقيم، يأخذ شكلاً مضحكاً معوجّاً أو منكسراً، وفوق ذلك فهو لايصلح دثاراً يحميك من برد الشتاء، ولا غطاء يقيك من شمس الصيف، ولأنه يخشى الظلام، فإنه يهرب منك ليتركك وحيداً،ومع كل ذلك يقال عن رجل الدين”دام ظلّه”.
سيقال ان الظل هنا بالمعنى الرمزي، أي كثافة الحضورفي الحياة، لأن من لاظل له يكون في حالتين: أما إنه يعيش في الظلام، أو يخترقه الضوء فلا يترك ظلاً.
في هذه الحالة، فأنا أتبرع بظلي كاملاً، كي أعيش في الضياء كما يحلو لي، من دون أن يرافقني هذا الأحمق الذي لافائدة منه.