الاثنين - 04 نوفمبر 2024
الاثنين - 04 نوفمبر 2024

إيمان عبد الرحمن الدشتي ||

 

لأيِّ جرح سيدي نستصرخك؟! ولأيِّ فاجعة يا أمل الدنيا نندبُك؟!

أسعف الأرض يا ربانها فقد ماجت بأهلها أمواجُ الظلم والطغيان! تشتكي إليك عجزها عن تحمل المزيد من الدمار وسفك الدماء! بك تشتغيث وقلبها..لك عن جوى يشكو صدوعه!

سيدي يا من أخفت عن نواظرنا دموعَك الحرى ظلمةُ الغيبة! لقد ثار القلب وهو يسمع أنين نياحك من خلف قضبان الضلوع! وراح يناجي معك “أمَّنْ يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء”

تجوب الأرض بقلب يعتصر؛ من مشاهد جور طالت شرق الدنيا وغربها، فها هي فلسطين تُخبرنا أنك ما برحت تتفقد خرابها مسترجعاً حزيناً! بعد أن تكالبت على أهلها غارات العدا وخذلان من يدَّعون الإسلام والعروبة! تُواسي بحنانك ثكالى قد تصبَّرن علقماً! ويتامى يرتعشون خوفاً وألماً ولسان حال كل منهم يقول: ابحثوا لي عن حضن أمي! وصغير لم يعرف معنى الوجود لكنه عرف أن للوجود ربَّاً فراح يردد “يا رب”

قدمت معك أرضُ المقاومة العزاء لفلذات كبدها، بعد أن التهم الموت أعزتهم! لآباء يحملون بقايا أبنائهم في أكياس! وآخرون أصبحوا بلا أقربين! وغدت تؤمِّن على دعائك وأنت تحوقل لهول ما وقع!

رَآك قلبي تتفقد بلوعةٍ أطلالاً نعق بها غراب البين والنزوح! فوقفت بجنب عجوزٍ قد تساوى داره مع الأرض، بعد أن شيده بعذابات السنين وقسوة الأيام، وأُسر قد افترشوا الأرض والتحفوا السماء، ورحت تصبِّرهم قائلاً: احتسبوا أمركم عند من لا يخفى عليه أمركم، رغم أنك تستشعر حال من ليس له دار!

يا بقية الله؛ لقد فعل المستكبرون فعلتهم النكراء، ظناً منهم أنهم قد ملكوا الخلود في هذه الدنيا الفانية! وتوهموا أن البقاء للأقوى! وغاب عنهم أن النصر حليف المؤمنين اللائذين بقوة الله الجبار المنتقم! وراح حكام الجور وقادة الخيانة والغدر، يستنصرون المحتل الزنيم ويعادون أهل جلدتهم! محاولين وبكل وقاحة الالتفاف على الحقيقة؛ ليجرموا المقاوم تبرئة للمغتصب! ولم يغب عن المستضعفين وعد الله “إن ينصركم الله فلا غالب لكم” و”كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله” وهم على يقين أن الأرض يرثها عباد الله الصالحون.

الخطب جلل والرزية عظمى سيدي يابن الحسن! وما سلوتنا إلا بأولئك الأفذاذ المقاومين، الذين ما هادنوا ولا انكسروا ولا عرفوا اليأس والخنوع! قد زُقوا (هم وشعوبهم المضطهدة) الكبرياء زقاً!

لقد أدرك هؤلاء المقاومون أن النصر بالاستبسال والسِلَّة، وأن سحق الشعوب مرهون بالجبن والاستسلام فكان شعارهم “هيهات منا الذلة” أما العار فلا يليق إلا لتيجان العمالة والخيانة والتآمر الفاقدين للضمير والإنسانية! الذين ما اجتمعوا إلا ليُفرقوا الجمع وما تعاهدوا إلا ليخذلوا أهل الحق، فصار لزاماً على كل أحرار العالم مهما بلغت سطوة الجبابرة؛ أن يروا مشهد الحقيقة بعين البصيرة! ولا يستخفنهم الذين لا يوقنون! وليدركوا أن محور المقاومة هو المتفرد في إذلال المستكبرين! وهو الممهد لعالم ستكون أنت سلطانه الأوحد مع ثلة من صحبك وأنصارك العاملين، تحز بسيفك رقاب الظالمين ثأرا لكل قطرة دم سفكت من حرام، فَتَعْمُر الأرض وتزدهر بعدلك.

“ما الفرج إلا صبر ساعة” شعار قد تسلح به الممهدون لظهورك أيها الموعود! بإباء وصمود بوجه كل ظالم ومستبد، فيقينهم أن الجراح لا تلتئم إلا بنور فجرك القريب.

٢٨/تشرين الأول/٢٠٢٣م