المخاطبة في أذواق وسلوك الشعوب
علي عنبر السعدي ||
– الحاج دون حجّة – والثواب دون جهد .
– بديلاً يارفيق
تظهر مخاطبة الأفراد لبعضهم ،حالة من القيم والثقافة السائدة في المجتمع ،وطبيعة المرحلة التي يعيشها ، وكلما تجذرت الثقافة بين الأوساط الاجتماعية ،كلما ارتقت مفردات المخاطبة وتوزعت في التعبير .
كلمة (استاذ) تجد انتشارها في المجتمعات المتحضرة عموماً ،حيث تظهر نسبة التعليم ،وبالتالي يخاطب الآخر باعتباره متعلماً أو طالباً للعلم ،وقد سادت في العراق ، مفردة المخاطبة هذه ،في سنوات خلت ،واستمرت سنوات طويلة ،وعاصرتها أجيال كانت متعطشة للعلم ،أو احترام المتعلمين .
في مصر ،تسود كلمة (أفندم – أو يابيه) وهي موروثة من عصور الاحتلال العثماني وماتركه من انعكاسات ،تجذرت في المجتمع ، ورغم ان المجتمع المصري متدين عموماً ،وفيه نسبة عالية من المتعلمين ،الا انه من النادر ان يستخدم كلمة حاج) أو استاذ ، الا في أوساط وحالات محددة .
في سوريا ولبنان ،تشتهر كلمة (يامعلم) في مخاطبة الآخر ،ولأن هذين المجتمعين عرفا بانتهاج الصناعة حيث المعلم هو الماهر في صنعته ، لذا تحضر كلمة (يامعلم ) بوضوح ، الى جانب كلمة (ياريس )خاصة في المدن الساحلية للبلدين ،والريس هو البحّار الأقدم – رئيس البحارة – .
في الاردن ولسيادة العلاقات العشائرية بينهم ، تظهر كلمة (ياشيخ) كصيغة مخاطبة تعبّر عن الاحترام والمهابة .
في ليبيا واليمن ،تظهر كلمة (يا افندي) في المخاطبة ،وكانت في العادة توجه للموظف الرسمي ومايمثله من موقع وحضور اجتماعي ،حيث زي الوظيفة المختلف في العادة عن مختلف الطبقات ،بشكله وترتيبه ،ولى جانبها كلمة (ياخوي – يا ابن العم ) كامتداد للتقاليد العشائرية .
في العراق الحالي ،انحسرت كل صيغ المخاطبة تقريباً ،وشاعت – بل وتسيدت – كلمة حج وحجي – لتطيح بكل الصيغ الأخرى للمخاطبة ،فكل عراقي هو حاج رغم أنفه ، وليس مهماً مستوى تعليمه أو نوع لباسه أو سنّه ،فيكفي ان يكون بعد الثلاثين ،ولديه لحيّة ، ليكون (حجي ) واذا لم يكن كذلك ،يقال له (ياوَلد) بفتح الواو ، وتُجمع (ياوُلد) بضم الواو.
كلمة (حاج – وحجي) استخدمت بالأصل لمسؤولي الحركات والاحزاب الإسلامية ،كنوع من التأكيد على تقواه والتزامه بمبادئ الدين ،وبالتالي صيغة احترام وتقدير، لكنه ومع كثرة الاستخدام ،وشموله العراقيين طولاً وعرضاً ،التبس المعنى بين السخرية من المخاطب بوصفه (حجي) أو بقيت صيغة احترام ،تلبس المخاطب ثوباً ،قد لايفكر بارتدائه اصلاً .
أخوكم الحاج – دون حجّة- علي عنبر السعدي .