الخطاب المتزن والتمني المشحون بالعاطفة
علي الازيرجاوي ||
نظرة على التوقعات غير الواقعية والمشحونة بالعواطف لخطاب سماحة السيد ( حفظه الله)(*)
كان والدي ( رحمه الله ) حينما يسمع تصعيد ما في اي من جوانب الحياة يذكر مثلا أو شعاراً ( يصيح ذبو فشگ ) في إشارة على الرغبة غير الواقعية في الإستخدام المفرط للقوة أو الس.لاح! ممن هم بعيدون عن الميدان وتحدياته.
استذكرت المثل سالف الذكر وأنا أراقب تفاعل الناس مع الإعلان عن خطاب سماحة السيد ( حفظه الله تعالى )، حيث كان أغلبهم ينطبق عليه المثل أعلاه ( يصيح ذبو فشگ ) وكأنهم يتمنون من السيد ان يعلنها ح.ر.ب.اً شاملة ويطلق جميع ص.وا. ري.خه ( الفشگ ) على الك.يان الغا.ص.ب ويشترك فيها جميع من في المنطقة( رغم إنه قد أشترك فعلاً فيها ولكن بتكتيك مختلف يتناغم مع حالة الميدان في الجنوب الذي تدور فيه رحى ال.ح.ر.ب )…
وكأنهم لا يعلمون ان أهم مبدأ في الح.ر. و.ب هو عنصر المباغتة، والرسائل النفسية، والوع.يد الذي يتصاعد مع أفعال الع.دو ليلقي الحجة أمام الرأي العام وبيان الدافع لردود الأفعال، وترك المجال للوسائل الدبلوماسية التي تحقق الن.صر المبين بأسهل الطرق وانجعها ( كما بينها سماحة المرجع اليعقوبي في تفسيره للآية الكريمة ﴿إِنّا فَتَحنا لَكَ فَتحًا مُبينًا﴾ [الفتح: ١] الليلة الماضية بأن الفتح المبين الذي اشارت له الآية، هو فتح مكة سلمياً ودبلوماسيا ودون ق.ت.ال )؛ وهنا يكمن الفارق بين الإستراتيجية الحكيمة والتمني المشحون بالعاطفة، تلك النظرة الإستراتيجية التي تحقن الد.م.اء دون إستخدام الس.لا.ح؛ والمهم أيضا في المطلوب من الخطاب بيان الجوانب الإنسانية وتسليط الضوء على الم.جا.ز.ر التي يرتكبها الاح.ت.لا.ل، وبيان قوة الم.قا.وم.ة وما تحقق في يوم 7 أكتوبر من مباغتة ستغير مجرى الأحداث في المستقبل، في خطابٍ تحليلي لا تصعيدي يتضمن رسائل عدة منها داخلية تخص وضع لبنان الحالي، وإقليمية تخص المنطقة العربية وما تشهد من تفاعل مختلف مع القضية الف.ل.سط.ين.ية هذه المرة التي تراوحت بين تطبيع الحكومات وردود الفعل الجماهيرية الغاضبة، ورسائل دولية تحرج المجتمع الدولي ومنظماته التي باتت في حالة يرثى لها من الازدواجية في مواقفها الإنسانية ومعاييرها العوراء التي انكشفت للناس ببركة تلك الد.م.اء الزاكيات التي روّت أرض المقدسات.
ولابد من ثمنٍ غالٍ مع الأسف كما عهدنا في الأحداث العظيمة التي مرّت على تاريخنا القديم والمعاصر، وهذا حالنا مع الهجمة الناعمة التي تستهدف ديننا ومجتمعنا وغيرت كثير من المفاهيم التي يحتاج لتوضيحها التضحيات الكبيرة لتعيد الأمة إلى مسارها الصحيح كما حصل في يوم الطف الخالد وما تبعه من حركات مهمة غيرت في طبيعة حياة المجتمع ومسيرته كحركة الشهيدين الصدرين العظيمين مثلاً.
والله ناصر المؤمنين
علي الازيرجاوي
ليلة 4 تشرين الثاني 2023
=================
(*) التحليل أعلاه كان مجمل توقعي للخطاب قبل ليلة منه مع احد الأخوة الأفاضل