النزعات العنصرية في المدن الكردية
علي عنبر السعدي ||
– مثالية حاصبيا وحسابات الواقع .
– حين تكون عدو نفسك
في أحدى مدن الاقليم ،ذهبت مع صديق الى مكتب عقارات لاستئجار شقة ، فردّ السلام على مضض وظهر الامتعاض عليه واضحاً ،حين عرف بأننا عراقيون عرب ، فقال : كاكا شنو انتم ،وين مانروح عرب عرب ،شنو ناوين تحتلونا ؟؟
ولأني ممن يصعب عليهم السكوت في مواقف كهذا ، لذا حكيت له القصة التالية : حاصبيا مدينة جبلية لبنانية – مركز قضاء- جميلة بمعالمها ،زاخرة بثرواتها وتاريخها ،أهلها من الطائفة الدرزية- المنعزلين بطبعهم – وفيها معبدهم الرئيس .
كانت قواعد المنظمات الفلسطينية قريبة منها ،لذا يدخل المئات كل يوم الى المدينة للتسوق وشراء المؤون اليومية ،فكانت المدينة مزدهرة ومنتعشة اقتصادياً ، المحلات ، المطاعم ، المقاهي ،أصحاب التاكسيات ، البريد ، كلها تعمل بنشاط ،بل وهناك محلات افتتحت خصيصاً لوجود الفلسطينيين .
ذات يوم وقعت مشكلة فردية مع احد الفدائيين ، فتداعى بعض اهالي حاصبيا وطالبوا المسؤول الفلسطيني بمنع الفدائيين من دخول حاصبيا ،وفعلا استجاب لهم واصدر تعميماً بذلك .
لم تصمد حاصبيا أكثر من أسابيع ،حتى ذهبت السكرة وجاءت الفكرة،توقفت معظم اعمالهم ، أصاب بضاعتهم الكساد ،وتوالت عليهم الخسارات ،فشكّلوا وفداً للطلب من المسؤول الفلسطيني ان يلغي قراره ويسمح بدخول المقاتلين الى حاصبيا .
وأنتم كاكا ،مدن الاقليم منتعشة بفضل الزائرين : الفنادق تعمل ،واصحاب المحلات يبيعون ،والمطاعم والكافتيريات تمتلىء بروادها ،والاسواق مزدهرة ،والعقارات بيعاً واستئجاراً ناشطة ،والدلالين أعمالهم ماشية ورزقهم متوفر ،أكثر من ألفي شاحنة تدخل الى بغداد وبقية المحافظات ،قادمة من الاقليم ، واعمال تجار الاقليم أموال مرفوعة واسعار مدفوعة ،رواتبكم من بغداد ،ومصالحكم في بغداد ، تسكنون حيث تشاؤون ،وتبيعون وتشترون وتقيمون بحرية تامة ،لا أحد يتعنصر ضدكم ،ولايسمعكم كلاماً ،حتى بسماية سجلتم بها , ومع كل ذلك ،تأخذكم العنصرية والتذمرمما انتم فيه من نعمة ، تعمل ارقى مدن العالم وأجملها ،لتكون موضع استقطاب ،خاصة من يأتون اليكم هم مصدر دخل لا عمل ،ولاينافسونكم على ارزاقكم ،بل منهم تسترزقون ،فما بالكم ؟؟ طالبوا بغلق مدن الاقليم ولكم علينا ان نكون أول المؤيدين والداعمين ،فأنتم ليس بإمكانكم الاستغناء عنا ،أما نحن فبإمكاننا ذلك ،ولدينا الكثير الكثير من البدائل لنقضي زيارتنا فيها – سياحة أو اقامة – فليتكم تطالبون بإغلاق حدودكم – ليتكم – بدل هذه العنصرية .