الملامح النفسية في خطاب السيد حسن نصر الله

الاستاذ الدكتور حيدر كريم سكر العتابي ||

• مركز تاج الحضارة للدراسات الاستراتيجية

حاول السيد حسن نصرالله الامين العام لحزب الله اللبناني في خطابه يوم الجمعة 4 /11/ 2023 ان يعطي انطباعا للاخرين بانه واثق من النصر وحسم المعركة وان ما تقدمه حركة حماس من قتال نابع من الايمان بالحق في العيش بسلام على ارض فلسطين ، لذا كان من اهم الملامح النفسية لخطاب الجمعة كان يكمن في وضع الاخرين تحت ضغط نفسي كبير جعلهم يضعون احتمالات عديدة وهنا تكمن قوة الخطاب نفسيا ، اذ جعل الاخرين يشعرون بحجمهم الطبيعي وما يعانوه من ضعف ووهن فقد جعلهم مشغولون لمدة ثلاث ايام بالتحليل والتنبؤ بما سيقدمه في الخطاب وهذا الضغط النفسي جعلهم يمارسون اليات نفسية دفاعية قائمة على الترقب وسحب الانتباه لخطاب وما فعلوه من بث لخطاب نتنياهو في نفس الوقت هو دليل على الاثر النفسي الكبير الذي اثر على نفسية الصهاينة على وفق طريقة مدام نتحدث عن (حسن نصر الله لنتحدث ايضا عن نتنياهو) وهذه الية نفسية تستخدم عندما يقع الفردتحت ضغط نفسي فيحاول ان يقلل هذا الضغط بتشتيت الانتباه نحو مصدر الضغط .
كذلك فان الخطاب لم يترك لاحد فرصة الاشتباك معه رغم بعض المحاولات غير الموفقة ممن ينطلقون من حساسية لبنانية خاصة ويخشون ان يعلن الحرب المفتوحة ارضاهم انه لم يعلنها ومن ينطلقون من خلفية عروبية او اسلامية ويريدون منه الحرب المفتوحة ارضاهم بان جعل كل الاحتمالات مفتوحة وكل الخيارات مطروحة وفي اي وقت .
هذا الامر جعل الصهاينة في وضع نفسي رهيب قائم على الترقب والحذر من امكانية ان تكون هناك ضرية توجه لهم
ايضا كان هناك انعكاس على الوضع الداخلي في الارض المحتلة قائم على الترقب والحذر مما جعلهم تحت وضع من التوتر لدرجة جعلهم يستمعون للخطاب لاكمله .
ويمكن القول ايضا ان الخطاب كان للردع وليس للحرب وكان فيه ذكاء بان القى الكرة في ملعب الادارة الامريكية وهو خطاب تحدي في اتجاه الادارة الامريكية وفيه ايضا تاكيد على ميلان ميزان القوى لصالح محور المقاومة .
كذلك هناك اشارة بان جبهة لبنان استطاعت ان تجلب ثلث جيش الاحتلال وهذه الاشارة اوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر سواء لدى القادة الصهاينة او لدى الامريكان ، اذ ولدت لديهم حالة من القلق والذعر من امكانية ان تذهب الجبهة الشمالية نحو التصعيد ومن جانب اخر كانت الجبهة الشمالية قد عملت على تخفيف الضغط على غزة واشغال نسبة كبيرة من جيش الاحتلال وجعله في حالة انذار
كذلك اشار السيد نصرالله في خطابه ان هذه الحرب كشفت من الوهن والضعف في الكيان الغاصب وهي رسالة للاخرين بان الجيش الذي لايقهر هو اسطورة زائفة ومن جهة اخرى هي رسالة للاخرين لها وقع نفسي اكبر من حيث رفع الروح المعنوية وزيادة الثقة بالنفس وبامكانية مواجهة هذا الجيش وهزيمته
ايضا ان تجمع المواطنين في ساحة عاشوراء قبل الخطاب بساعات هو رسالة بانهم يثقون بالسيد نصرالله وان له ثقل سياسي وشعبي وكذلك هي رسالة اطمئنان بانه مصدر ثقة وانه قادر على قلب الموازين في اي معركة
كذلك ان مجرد جلوس اسرائيل باكملها لسماع الخطاب فيه جانبين
ـــ ان الناس هناك لم يعد يثقوا بتحليلات اجهزتهم الاستخبارية وان معلوماتهم ليست دقيقة
ـــ هي بمثابة نصر وبعد مهم في الحرب النفسية
لذلك يمكن القول ان خطاب السيد حسن نصرالله كان خطابا شاملا تعبويا سياسيا وواقعيا ومحدد بدقة وفيه هدفين
ـــ وقف الحرب على غزة
ـــ اقامة الحجة على الانظمة العربية وتعرية الموقف الغربي والامريكي وتهديداته
ايضا فيه اشارة اخرى تقوم على الغموض بانه ترك كل الاحتمالات مفتوحة وكذلك التناقض البناء اذ طمئن الخائفين واخاف المطمئنين …