الاثنين - 11 ديسمبر 2023

ختر زاوية وارمِ نفسك..ماذا فعلتْ مقولاتك أيها الامام ؟!

منذ 4 أسابيع

علي عنبر السعدي ||

– صيحات طرزان – من يسمعها – ؟ وبمن تؤثر؟؟
مقولة للإمام علي ، قرأتها في مطلع الصبا وتفتح الوعي ، ولم تغادرني بعدها أبداً ،تلبست روحي وصنعت اللبنات الأولى من سلوكي ومنهجية تفكيري ،الذي حرصت ان يكون منهجياً فعلاً ،فصقلته بدراسات وبحوث وسعي نحو المعرفة .
تلك المقولة الممهورة باليقين ،صدرت من رجل استثنائي ،عرك الحياة وواجه مصاعبها بشجاعة نادرة وقال كلمته في احلك الظروف وأقساها ،لم يهادن ،ولا ساوم على مبدأ أو حقّ ،كذلك لم يعرف عنه انه راوغ أو نافق أو أخلف وعداً أو غدر ،في زمن كان يمتلىء بالغادرين والمنافقين ، لذا كثر اعداؤه وخصومه ،فاستفزوه مراراً ،وكذبوا عليه ولفقوا المثالب في سيرته ،حتى وصل الامر الى شتمه ،ومحاصرة كل مايتعلق به ، لكن صدى كلماته ،بقي يتردد على مدار الأزمنة .
في القرآن الكريم ،تقول الآية (ولكم في رسول الله أسوة حسنة)
لكني اعترف بأن الاسوة الحسنة ،وجدت تجسيدها في مسيرة الامام وحكمه وحياته ومواجهته للمصاعب ، التي لاتقلّ عما عاناه الرسول الأكرم ، فالرسول ترك قرآنا بآيات مختلف على تفسيرها ، بل واتخذت منطلقاً لنشر كراهية ودعاوى التكفير ،أما حكم الإمام ،فخلت من دعاوى الفتنة والحث على الكراهية ،بل ركزت على عمل الانسان وحسن سلوكه تجاه الانسان الآخر ، و على سيادة القيم وشيوع التآلف ،لكن كلماته كانت قاطعة في توجهاتها نحو الحقّ ، لذا لم تترك له صاحباً أو محباً الا القلّة .
في الأمثلة الحديثة : يُدرب حارس المرمى في لعبة كرة القدم ،أن يختار زاوية معينة ويرتمي باتجاهها حين مواجهة ضربات الجزاء ،فإن صدها نال الاستحسان والاشادة ،وان لم يصدها ، لا يلام .
المثالان أعلاه ،يمثلني الأول ،وينكرني الثاني ، لقد اقتديت بالإمام ،فقلت ماظننته حقاً ،بطريقة اعتقدتها علمية منهجية ،لاتنحاز سوى للحقّ ،حسب معطيات وحيثيات حقيقية ، ولما كانت السياسية والتاريخ والجماعات والأحزاب والأيديولوجيات ،تشبه حارس المرمى في تعبئة وتدريب منتسبيها ،فهي تؤكد لهم ان زاويتها هي الصحيحة ،وان الخصوم سيقذفون كراتهم نحوها حتماً ، لذا ماعليهم سوى صد الضربات ،كي يبقى المرمى سليماً .
ولأني أرى ان الكرة يمكن أن تأتي من زوايا مختلفة – بل حتى من الوسط – لذا انتقدت طرق الاداء الايديلوجي أو السياسي في جماعات وأحزاب ومذاهب وأنظمة ، فانتقدتُ كيانات الخليج وما تمارسه من سياسات كارثية النتائج ، وأظهرتُ مدى التهتك الاخلاقي للسياسات الأمريكية / الاوربية ،في دعمها للعدوان الإسرائيلي ،وهكذا خسرت هذا المال والنفوذ الكاسح ،لهذه الدول – الخليجية بأموالها – والأمريكية البريطانية بمغرياتها ، فوضعت ضمن ((الدائرة الحمراء)) باعتباري معادياً .
أما ايران وحلفاؤها في العراق ، فقد دخلت عندها الدائرة الحمراء منذ 2005 ، حين كتبت بحثاً سسيولويجا /تاريخياً عن الاهواز ،ومازال التطويق والحصار قائماً ، عند جميع الاحزاب الشيعية ووسائل اعلامها .
الجماعات السنية ووسائل اعلامها ،ناصبتني العداء منذ البداية ، فلم يكن يوماً من المحتملين في امكانية كسبهم أو تغيير بوصلة كتاباتهم أوقناعاتهم ،لذا ليس في وارد الشرقية أو دجلة مثلاً ،أن أكون ضمن ضيوفهم .
أما الكرد ،فهم يكرهونني مثل (دم ضروسهم) ويعتبرونني عربياً عنصرياً ،وبما يزيد أو يساوي ما يحمله القوميون العرب ضدي باعتباري طائفي شيعي ..
وهكذا لم يكتف الحقّ بأن ماترك لي صاحباً – كما قالها الامام المبجل عبر العصور- بل جعلني مثل طرزان وهو يتنقل صارخاً عبر الغابة ، فلا تسمعه سوى الاشجار ، وتغرد معه الطيور – فيما تكشّر عن انيابها الحيوانات المفترسة ، تريد التهامه .