الحرب الاقليمية في خطاب نصر الله
علي الخالدي ||
حينما يترقب العالم خطاب نصر الله ،ويراقب حركاته، أنفاسه، همساته، ألفاظه، إشاراته، فأعلم أن هذا الرجل استثنائي في كل شيء.. فكل شيء يفعله له حسابه في أبجديات أجهزة المخابرات الدولية.
يحللون كل شيء ، كل شيء، لأنهم يعلمون جيداً أن الرجل لا يمزح… فكلامه فصل الخطاب، وكل بيان له ميدانه بمعالم قواعد اشتباك جديدة.
إن الجبهة العالمية لمحور المقاومة اليوم باتت رقماً صعباً في معادلات الصراع الدولية، ويحسب لها ألف حساب.
هذه الجبهة الكبرى ابتدأت وحيدة على الساحة، كمولود غريب، فلم يألف العالم من قبل ثورة فتية استطاعت أن تغير كل الموازين وتقلب الطاولة على الاستكبار العالمي وذيوله.
كانت تلك الثورة الوليدة نتاج سنين من النضال المرير والالام والمعتقلات والغربة، وذلك المجاهد الكبير الذي حاز على إعجاب واحترام العالم بأسره الاعداء قبل الاصدقاء، عنيت به القائد المؤسس روح الله الموسوي الخميني “رضوان الله عليه” تلك الثورة العظيمة التي استمرت وبكل قوة وعنفوان حتى بعد رحيله (رضوان الله تعال عليه) ليستلم دفتها وزمام قيادتها السيد القائد علي الخامنائي “دام ظله الوارف ” فانتشرت مضامينها وأيديولوجيتها كالنار في الهشيم، وأصبحت حلماً وأملاً لكل مستضعفي العالم. ومحمية لكل مظلوم وصاحب حق وشيئاً فشيئاً كبرت تلك الثورة المباركة وأصبحت محوراً مقاوماً يضم بين دفتيه كل قوى التحرر والجهاد في المنطقة.
حيث ان هذا المحور العظيم الذي تقدمت جبهته الصفوف في معركة في طوفان الاقصى, فأحرزت الانتصارات والحقت بعدوه الهزائم, فكان حقاً على العالم وكل رافضي الظلم من قوى التحرر وكل ناشدي العدل والحرية أن يقفوا وقفة إحترام وإجلال لهم وفي مقدمتهم السيد نصر الله, الذي لم ينته العالم من حل شفرات خطابه قبل اسبوع حتى جاءنا يوم أمس بخطاب أخر . خطاب يُشم منه رائحة النصر المرتقب، وذلك اليوم المنتظر للصلاة في القدس.
لقد كان مُنتظراً منه أن يعلن خبر بدأ الحرب المفتوحة بجحيم جبهة الشمال التي يرتعب منها قادة الكيان المنهار، إلا أنه وكالعادة في استخدامه للحرب النفسية التي يجيد استخدامها قد وضع قواعد جديدة، هدد بها العدو إن اقدم على توسعة رقعة الحرب.
حيث قال بالحرف الواحد إننا جاهزون لكل الاحتمالات، ولن تخيفنا أساطيلهم ولا بوارجهم ولا قواعدهم التي أعددنا العدة لها, كذلك قد منح الخطاب مساحة للميدان ليأخذ حصته من المشهد, الذي تتجه اليه انظار العالم, حيث قدح سماحته عامل الوقت الذي هو عماد الانتصار, والذي تراهن عليه الشعوب المظلومة على مر التاريخ (في إشارة منه إلى ان زمن المعركة قد يطول) وهذا ما يخشاه العدو, بعد أن أقحم كل قواه المتقدمة ومفخرته ( قوات النخبة) وهذا دليل ضعفه واول هزيمة للاحتلال بالمواجهة, بعد ما نجح فصيل واحد من محور المقاومة “حماس” بسحب قدم الجيش الصهيوني لساحة المحرقة.
استطاع سماحته ان يدير خارطة الحرب بذكاء فائق, يصعب فهمه الا على من أُشبعت رئتاه من غبار الحروب, حيث ركز فيه على القوة الضاربة “المقاومة الفلسطينية” وجبهاتها في الضفة الغربية, وقال انها قد تشتعل في أية لحظة ( التلاعب بأحجار الدومينو كما يشتهي نصر الله ) مما جعل العدو يسحب بعض فرق جيشه الى هناك, وهي عملية تشتيت جديد لقوى العدو بعد جبهة الشمال مع حزب الله, مذكرا ان المجاهدين الصامدون في غزة, جلهم ممن هدم القصف منازلهم وقتل اهلهم, في تأكيد ان الشعب الفلسطيني يفرح بالنصر ويأنس بالشهادة , ولن يترك غزة قبل ان يُغرق الكيان بوحلها.
تطرق سماحة السيد نصر الله إلى الجبهات الساندة التي دخلت بقوة إلى المعركة وأقضّت مضجع الشيطان الاكبر الذي تعرضت قواعده العسكرية إلى عشرات الهجومات في العراق وسوريا على يد ابطال المحور. الذين ادخلوا صاروخ “الاقصى1” لأول مرة في تدمير تلك المواقع, بواقع 46 هدفاً, دعماً لغزة بعد ان كانت الساحات العراقية هادئة قبل 7 اكتوبر.
اكد السيد نصر الله ان القوى الساندة في لبنان “حزب الله” لم تطفأ نيرانها, وقد استخدمت صاروخ “بركان” الذي عانق عمق شمال الاراضي المحتلة, والذي يزن نصف طن من المتفجرات, فضلا عن الطائرات المسيرة التي شاركت في طوفان الاقصى, والتي تعمل على استنزاف القبة الحديدية, عند دخولها السماء المحتلة بواقع ثلاث مسيرات يومياً, هذا بالتزامن مع وصول الطائرات المسيرة اليمنية الى مستوطنة “إيلات” الصهيونية, المدينة التي تعد الاكثر امنا في الكيان المحتل, والاوسع احاطة بالقبب الحديدية.
تطرق سماحته الى الساحة السورية والتي لم تكن بعيدة, وكانت تتحمل ردات فعل العدو بقصف مطاراتها, كل ما ضاق به الخناق, رغم المآسي والحرب السياسية والاقتصادية التي تعانيها سورية, التي لم ينسها نصر الله, مع دورها الاقليمي الساند لمحور المقاومة, وكذلك أشاد السيد نصر الله بقيادة المحور “الجمهورية الاسلامية” ودور الاب الروحي سماحة القائد المفدى السيد الخامنائي ( دام ظله المبارك).
ان معادلة الحرب الاقليمية وقواعد اشتباكاتها قد بانت معالمها, بالنسبة للعدو الامريكي والصهيوني وحلفاءهم, بعد ان افصح سماحته عن راس طوفان الاقصى ومسانديه, ومن هو مغذيه وقائده, العازمون على إ زالة الكيان الذي بات عائقاً في طريق التمهيد للظهور الشريف.
اللهم عجل لوليك الفرج.