هدنة مع الترقّب..!
كوثر العزاوي
توقّفت آلة القتل والهتك، وأُعلِنت الهدنة، إلتقطت الناس انفاسها بقلوب تترقّب، لملَمت العائلات ما تبعثر منها خلال العدوان، حملت همومها وأوجاعها، تمشي بأَقدامٍ لاتكاد تحمل أجسادها المتضعضعة، مع إِقدام يشدّ أزرهم، تأبّطت حزنها العميق بحرقة، وعادت أدراجها إلى البيوت أو بقايا بيوت، تعض على الجراح وتنتظر الثأر، تنظر بغضب إلى كل من تخاذل وغدر وخان ووقف متفرجًا على أرواح أُزهقت أمام أنظار العالم، وأجساد مُزّقت تحت ركام بيوتها، الكل سيعود وفي قلبه بعض من طمأنينة، وتوجّس من سلام مؤقت، وشيء من راحة بال، ولكن، وحدهم عوائل الشهداء، ممن فُجِعوا بأحبتهم، أبناء وآباء وزوجات وبنات وحتى أطفال رضع أخذتهم عواطف أناس في أحضانها، ترى أيّ المشاهد أولى بالنسيان، وأيّة صور مروّعة يمحوها الزمان! هم سيعودون إلى الحياة، ولكن بحسرة الفراق ولوعة الغياب، سيعودون بلا سند ولا معين، بلا رفيق أو شريك، إنهم، أمانةَ مَن منحهم كل تلك العزة والصبر، أمانة لطف الله الذي كلّلهم وهم تحت وابل الرصاص والقصف الصاروخي الأعمى، نعم لعل اولئك الصامدون قد خسروا أشياءًا من تراب وأحجار، لكنهم لم يخسروا الكرامة، فقد بقيَت النفوس أيامًا تزرع ورود الجسارة والإقدام، تتهيأ للموت وتكتب الاسماء كي لاتضيع الاشلاء، وذات القلوب التي تعزف سيمفونية الأمل بالله “عزوجل”، الأمر الذي جعلها تتميز بحقيقة التوكل، حتى باتت تخفق مستبشرة بالشهادة في كلِ لحظة، وما تسمى بالهدنة لبضع ايام، ماهي إلّا فسحة واستراحة محارب لايعرف الخوف، حتى يأذن الله بالنصر المؤزر في يوم على الله ليس ببعيد، والله يحب الصابرين،
٩ جمادى الاولى-١٤٤٥هج
٢٤-١١-٢٠٢٣م