هنري كيسنجر…
محمد البدر
ولدت كتلة الشـر هذه في ألمانيا، لعائلة يهودية، عام 1923.
خدم في الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، وتولى مستشارية الأمن القومي، و وزارة الخارجية الأمريكية.
لعب دوراً تخريبياً وإجرامياً في كل قارات العالم، من أمريكا اللاتينية ودوره في تشيلي وجاراتها، إلى أفريقيا وحروبها الأهلية وإنقلاباتها، وآسيا ودوره الإجرامي في كمبوديا وبنغلادش وفيتنام.
كيسنجر والشرق الأوسط.
هنري كيسنجر هو مهندس السياسة الأمريكية في الشرق الاوسط، وكل من أتى بعده سار على النهج الذي رسمه.
تقوم هذه السياسة بكل بساطة على ركيزتين.
توازن القوى لصالح الكيان.
و
ضمن إمدادات وتدفق النفط.
وحتى نفهم هذه السياسة ونفهم فكرتها ونفهم غاية مهندسها علينا ان نعرف بمن تأثر مهندسها “كيسنجر”.
تأثر كيسنجر بشخصيتين مهمتين هما.
الأول هو رجل الدولة، وزير الخارجية النمساوي”كليمانس مترنيخ”.
عمل” مترنيخ” على مفاوضة نابليون بعد هزيمته المدوية في روسيا وتوجهه لغزو النمسا، وهو الأب الروحي لمبدأ توازن القوى في الدبلوماسية الدولية.
الثاني هو رجل الدولة الانجلوإيرلندي “اللورد كاستلري”.
عمل كاستلري على إرساء إستقرار نسبي في أوروبا، من خلال العناية بتوازن القوى وتحييد من يحاول زعزعة هذا التوازن والاستقرار.
كيسنجر حاز على الدكتوراه من هارفارد من خلال إطروحته حول آراء وخطوات مترنيخ وكاستلري وكيفية صناعة السلام وطبعت بكتاب مهم عنوانه (عالم أعيد بناؤه: مترنيخ وكاستلري ومشكلات السلام).
كيسنجر الحائز على نوبل للسلام هو عدو السلام.
حاز كيسنجر على نوبل للسلام 1973 مناصفة مع الفيتنامي لي دوكثو، لكن المفارقة حين نعلم انه في آراءه وتنظيراته وأعماله كان ضد فكرة إحلال السلام عبر الطرق التقليدية”مثل توقيع اتفاقية سلام” أو عبر تفاهمات سياسية تؤدي إلى حل وسطي بين قوتين، بل كان يرى ان السلام يحل حين تكون قوة مهيمنة تفرض إرادتها على الآخرين، وتردعهم عن زعزعة الإستقرار وبذلك يحدث السلام حين يكون توازن للقوى.
السلام بالنسبة لكيسنجر ليس هدف ولاغاية، ولايجب ان يكون هناك سلام في الشرق الأوسط، بل يجب أن تكون هناك قواعد وأنظمة تصنع وضع يحفظ المصالح الأمريكية.
بالنسبة له، فإن الإستقرار في الشرق الأوسط يقوم على توازن قوى يتمثل بتفوق إستراتيجي لإسرائيل، وعلى كل المستويات، العسكرية والسياسية، والإقتصادية، والعلمية.
هذا التفوق يصنع رادع للأطراف المناوءه للكيان، وأي طرف يخرج عن هذا المسار أو يقترب من تفوق أسرائيل أو يمتلك من القوة ما يكفي للتغلب على الردع الإسرائيلي، فهنا يجب تحييد هذا الطرف، و إضعافه بطريقة مباشرة مثل الحرب المباشرة، أو بطريقة غير مباشرة مثل زعزعة إستقراره الداخلي، وتقوية أطراف داخله ضد المركز، والحصار الإقتصادي، والحرب الأهلية وغيرها.
نهاية كيسنجر، ونهاية الردع الإسرائيلي و الأمريكي.
جاءت وفاة كيسنجر بالتزامن مع بوادر وفاة الإستراتيجية التي عمل عليها هو ومن أتى بعده من الأمريكان.
حيث الكيان في أضعف حالاته، ولم يعد يشكل قوة ردع كما في السابق.
وأمريكا تضطر لتحريك أساطيلها وحاملات الطائرات والغواصات النووية، ومع ذلك لا تُحدث فارق، ولا تمنع 4 اطراف -الفلسطـينيين والحوثيين والفصائل العراقية وحزب الله – في المنطقة من إستهداف الكيان والقواعد الأمريكية.
بروز حركات تحرر وطنية ودخولها لهذا الصراع، هذا أدى إلى عدم فعالية التفوق الإسرائيلي، وعدم فعالية الردع الأمريكي كما كان سابقاً، حيث كان الصراع بين دول وحكومات وبين الكيان، وليس بين حركات تحرر وفصائل وبين الكيان.
كيسنجر من مناصري البراغماتية التي لا تلتزم بأي حدود أخلاقية وقانونية من أجل الوصول للغاية وتنفيذ السياسة.
من أهم كتبه كتاب (الدبلوماسية من الحرب الباردة حتى يومنا هذا) وقد اصدره عام 1994 إضافة إلى اطروحته للدكتوراه.