حكايا الكرسي دار
د.أمل الأسدي
مازالت العائلة تجلس في الكرسي دار، ففي فصل الشتاء يصبح ” الكرسي دار” غرفة الجلوس، وفي فصل الصيف تنزل الأسرة إلی السرداب؛ لأنه بارد، وهكذا أغلب بيوت الكاظمية القديمة، والكرسي دار: هو غرفة تقع فوق السرداب، أي هي متوسطة الارتفاع، بين الحوش والطابق الثاني، وفي الشتاء تغازلها أشعة الشمس وتنثر الدفء علی جدرانها،وتتزين بوجه الجدة “سكنی” ومكينتها الأنيقة، وقوري الچاي الفرفوي، ويجلس حولها الأولاد والأحفاد، يستمعون إلی كلامها وهي تستعد لمولود الإمام علي(ع) بعد غد، فقالت لها حفيدتها:
ـ غدا نذهب إلی الحمام
ـ الجدة: الله كريم منا لباچر
ـ الحفيدة: لا لا لازم نروح
فضحكت الجدة وقالت لأحفادها: اسمعوا هذه القصة:
في يوم من الأيام كانت الحيوانات تتكلم، وكانت الدجاجة تتحدث إلی الطير، فقالت: باچر اني طايرة!
فقال الطير: إن شاء الله باچر أطير، بتسهيل الله!
فردت الدجاجة: اني اطير باچر، سهل واذا ما سهل!!
ولما استيقظوا صباحا، طار الطير عاليا، بينما بقيت الدجاجة ولم تتمكن من الطيران، وهكذا ظل الدجاج لا يطير!!
لهذا قولوا: إن شاء الله نذهب إلی الحمام غدا!
ضحك الأولاد وقالوا: إن شاء الله نطير…ههه نقصد ان شاء الله نذهب إلی الحمام!
وفي صباح اليوم التالي، استعدت الجدة “سكنی” وأخذت ما لذ وطاب من الفواكه، وجهزت ابنتها ملابس الصغيرات، وذهبن إلی الحمام، فهو الطقس المفضل لديهن، وفي العودة اشترت الجدة حلوی” من السما” اللذيذة من سوق السربادي، أما الچكليت فقد اشترته من محل الشيخ باقر… ومرت علی الحبايب تدعوهن إلی جلسة المولود، وستأتي” الملا رفعة” غدا لتنشد وتعلو الصلوات والأهازيج، وترتفع الدعـــــوات مستبشرة:
ياعلي يابو الحسن يا مجابل الحله
حليت كل مشكلة.. مشكلي حله
وهكذا بقي ذِكر عليٍّ عبادة، وبقي ذكره حكمة ومحبة، وهكذا كُنّا مع حكاية من حكايات الكرسي دار المفعمة بمحبة الإمام علي(ع).
ــــــــــــــــــ