الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

الصدام الحتمي بين الخزعلي والثقافة القومية الطائفية/ ١

منذ 10 أشهر
الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

احمد لوبيس

 

يذكر سماحتكم خطبة العيد الماضي واشاراتها ودعوتكم المثقفين العراقيين لتشكيل الهوية الثقافية العراقية . يقول معروف الرصافي في كتابه المسألة العراقية ص 123: (وآخر ما نقوله كلمة نرفع بها علَم التعجب وننشر بها راية التحير على نشز من أنشاز العروبة المتشيعة فنقول: قد علمنا ولو مجملاً أن مذهب التشيع في الإسلام يمت في أصله إلى أبناء فارس بنسبة لا مرية فيها. وإنه إنما وضع من قبل الفرس لقتل الإسلام دين الوحدة والتوحيد بسلاح منتزع منه، ولهدم العروبة بالمعول الذي هدمت به مجد فارس. فليس من العجيب أن ترى أعجمياً يتمذهب بمذهب التشيع، ولكن العجب كل العجب أن يتمذهب به من يدّعي أنه عربي ولو بالاسم فقط. فلو سألني سائل ما أعجب ما رأيت في هذه الحياة الدنيا لأجبته فوراً دون تردد أو تلعثم إن أعجب ما رأيت في الدنيا شيعي يدعي أنه عربي. لأن بين التشيع والعروبة تناقضاً لا يخفى على أسخف العقول. فإن كان هذا الشيعي عربياً صريحاً كما يدّعي فقد مسخه مذهب التشيع حتى صار بمنزلة الحيوان الأعجم ! الذي لا يدرك ما هو فيه من حالة من أين تبتدئ وإلى أين تنتهي. وإن لم يكن عربياً وإنما ادعى العربية تقية منه لخوف أو مكيدة فهو معذور لأن مذهب التشيع يوجب عليه التقية وإن كانت التقية بمعناها الحقيقي هي النفاق)/انتهى عجيب هو أمر المثقفين العلمانيين ” العراقيين ” والعرب واجزم أنهم مرتبطون ارتباطا عضوياً وليس فكريا فقط بالأجهزة الغربية : يقود العلماني جمال عبد الناصر العرب إلى هزيمة ١٩٦٧ (نكسة حزيران ) فيكتبون أن على الأمة العربية إذا أرادت النهوض أن تقوم بفصل الدين عن السياسة ؟! مؤلم هذا حد السخرية . هذا المعنى يؤكده قسطنطين زريق في كتابه (معنى النكبة) الصادر في اربعينيات القرن الماضي والذي أثر كثيرا على الأجيال العربية في حينها ودعا فيه إلى (فصل الدولة عن التنظيم الديني فصلاً مطلقاً ) ! ؛——– قيل إن الذكاء هو التفكير ( خارج الصندوق ) .. الذي لا يفهمه البعض أن هذا مختلف عن أن تكون خارج الصندوق ! لأن لا قيمة لك خارج الصندوق. اليوم يتشكل في العراق ما يسمى في أدبيات العلوم السياسية ( البرتوكول ) وهو عبارة عن ما يمكن وصفه ب( الدولة العميقة ) أو ببساطة هي: مجموعة من مبادئ النظام ومصالحه واسسه . كمثال لمحاولة ( تخريب البرتوكول):كيف لحزب عريق ونخبوي وشعبي في آن واحد كالحزب الجمهوري الامريكي ان يكون رهينة في يد نزق مسطح كترامب.. هذه مسألة جديرة بالاهتمام المركزي والدراسة التفكيكية بنية عدم السقوط في نفس المصير الذي سقط فيه ذلك الحزب العريق . الشيخ الخزعلي في جوهر الصندوق ( بل هو الصندوق الاسود كما عبرنا في مقال سابق ) لكنه يفكر خارج الصندوق ، إذ أنه لم يكتف كونه شيعيا مركزيا يأتيه الحكم وهو جالس في داره بل اصبح يجول في أرجاء الوطن كله للدعوة الضمنية لنوع حكم سياسي جديد في العراق مبني على أن القائد في خدمة الناس وليس العكس وهو من يذهب إليهم لا هم من يأتون إليه .. الخزعلي انطلق من جمر المقاومة العسكرية إلى تعقيد أن تكون (ماكينة النظام الوطني) وترسيخه وإصلاحه وفرض سيادته وتجميع اجزاءه.. رجل خرج من بوتقة الجهاز الخاص والجماعات المنغلقة المخيفة التي كانت بمثابة ( الوحش ) الذي أكل من رباه لكن سماحته أكل الوحش ولم ينتظر أن يأكُله الوحش كما حصل مع الشيخ حسن البنّا رحمه الله . سماحته يتحول تتدريجيا من مهمة الدفاع عن السيادة الوطنية إلى بناء سيادة الوطن وبالتالي هو يعمل بلا كلل كما يبدو لإنشاء روح التنظيم السياسي الذي لاغنى عنه بالنسبة لبقاء وعمل الجهاز البيروقراطي لأي دولة أو للدقة لأي نظام سياسي . هو من أصول شروگيه وهي طبقة كانت قبل ظهوره كقائد بارز ، ينظر لها بدونية رغم أنها أصل العراق وجذره السومري . البعض ( وهم الاغلبية ) كانوا يفرشون لنا السجاد الاحمر حين يكونون بحاجة لمن يضحي وهذا لا يتوفر الا عند القلة ولكننا نتحول لديه الى عبيد حين جني المحصول .. ابدا لن يكون هذا بعد اليوم ، يجب ان تترك انت نجاسة معاوية قبل ان تطالبني بطهر اباذر الغفاري رض . عنترة بن شداد يقول : يُنادونَني في السِلمِ يا اِبنَ زَبيبَةٍ وَعِندَ صِدامِ الخَيلِ يا اِبنَ الأَطايِبِ .