الجمعة - 08 نوفمبر 2024

اسمك تحت مقياس الشجاعة

منذ 11 شهر
الجمعة - 08 نوفمبر 2024

لمى يعرب محمد

عندما يواجهني موقف وتراودني الفكرة والعنوان، لم أتردد في التعبير عن شعوري الخاص من خلال كتاباتي، وربما أترجم بعبارات بسيطة حلقة من سلسة طويلة، وطرح هو نتاج شخص مثل بدوره جميع فضائل الحياة بمحاورها المختلفة، وهنا علي أن أغامر وأقوم بتناول القانون الذي يتيح لنا جميعا بترسيخ أسماؤنا، ضمن تلك الفضائل والمقاييس المحمودة، وهذا الفعل بحد ذاته مغامرة أيضا، وأقول إن المخاض الذي يجري بقوة وحيوية على مستوى طموحات واجتهادات الإنسان، حتما سيغير الأسماء والعناوين، هذه المغامرة سيقوم بها الكاتب والقارئ على حد سواء، وسيتحمل الجميع العبء والايجابيات والسلبيات، وسيتمتع بما عسى أن يكون في طريق هذه الحياة من مشاهد ترتاح لها النفس أو العكس، أو آفاق يتلذذ بها العقل البشري، والذي بلا شك ينتظر منا أن نعرض عليه نتائج تلك الأسماء وحقائقها.
التغيير هو الانتقال من حال إلى حال، ولا يشترط أن يكون التغيير للأفضل دائما، أو للأسوأ أو تغيير بسيط ومشابهة لما أنت عليه الآن، هذه هي الطبيعة الفطرية، وهي أمر مسلم بها، وبما أن الإنسان هو جزء من هذه الطبيعة، فلا بد أن يسلك نفس القانون.
يعتبر الإنسان ابن بيئته الاجتماعية، يأخذ منها كيفية التصرف والتعامل مع محيطه الخارجي، فينمو فكره وتتسع أهدافه، فيسعى ليتعامل تعاملا مختلفا، فيغير سلوكه ونمط تفكيره ومظهره ومعطياته للحياة، كما يراها تنسجم مع شخصه، لذا إن “العقل الأخلاقي والشرفي ونظام القيم للإنسان، تحدده تلك البيئة والأفكار المكتسبة، والتي بدورها تحدد اسمك الجديد، داخل مقاييس الطبيعة والحياة”.
تعرف الشجاعة كجزء ضمن هذه المقاييس وبشكلها العام، إنها القدرة على مواجهة المجهول والمخاطر والتهديدات، ولم تكن الشجاعة محصورة يوما بمفهوم محدود من السلوك، مثل حمل السلاح وملاقاة العدو وجها لوجه، بل إنها تشمل أشكال متعددة من المواقف الأخلاقية والمهنية والفكرية، واتخاذ القرارات الصحيحة.
يذكر في كتاب منتهى الآمال (لعباس القمي)، أن أمير المؤمنين الإمام علي (ع)، قال لأخيه عقيل الذي كان عالما بأنساب العرب، بان يختار له امرأة تلد له فحلا شجاعا ويكون فارس العرب، حينها قال عقيل لأخيه: تزوج بأم البنين، فان ليس في العرب أشجع من آبائها.
كان نتيجة الموقف مثلما أراد الإمام علي (ع)، وكانت كما قال عقيل، والتاريخ وسيرتها شاهد على ما نقوله ونكتبه، حيث غرست والدة هذا الولد الذي سماه ابوه منذ ساعته الأولى “عباس”، وأخوته الشجاعة: شجاعة الكلمة والموقف والولاء والطاعة لأبيهم وأخوتهم الحسن والحسين (ع).
كما خططت تلك المرأة الجليلة تخطيطا صائبا، في صناعة أعظم قائد ساهم في إعطاء ابلغ الدروس السامية في الحياة، من خلال رسالته الابدية، في بناء مجتمع تسوده الحرية والكرامة والعدالة، وتحت هذا التخطيط اجتازت السيدة أم البنين (ع)، جميع مقاييس الفضائل ومن ضمنها مقياس الشجاعة، لترتقي وتكون بابا من أبواب الله يطرق لقضاء الحوائج.
اللهم اجعلنا شجعانا صادقين، كأم البنين وأولادها، أينما كنا وأينما وجدنا..