مفهوم المقاومة الإسلامية
جاسم العذاري
قال الله تعالى:
﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ اَلْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهُ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاَللَّهِ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
وقوله تعالى:
﴿أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اَللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لِقَدِيرٍ﴾
تلك الآيات البينات يمكننا ونحن على الدين الإسلامي، مؤمنون بها حقا وصدقا، تجعلنا ندرك بأن العمل الجهادي “المقاومة” حق مشروع وفريضة واجبة على كل مكلف، خصوصا من لديه عقيدة راسخة وإرادة ثابتة، لكن كل حسب إمكانياته وقدراته، ومن المؤكد أن المقصر أو المتخلف عن الجهاد لطرد المحتلين والمغتصبين لأراضي المسلمين سيطول وقوفه وحسابه بين يدي الله تعالى.
ليس هناك دين ولا ملة صنعت في نفوس أتباعها كل عوامل التحدي والمقاومة والصمود، كما فعل الإسلام في نفوس أتباعه وأنصاره، فجعلهم خير أمة وأعظم حضارة وأصلب إرادة عرفتها الدنيا استعصت ولا تزال تستعصي على كل الأعداء والجبارين، بما تحمله من عوامل البقاء والصمود والاستقواء والنصر.
إن البناء القوي والمتين الذي أرساه الإسلام في جسد هذه الأمة، القائم على التوحيد الخالص لله ونبذ الطغيان والاستبداد ومقاومة كل شر وعدوان، والقائم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله، واعتبار ذلك من أعظم القربات إلى الله، ومن أصول الديانة وقواعد الشريعة، كل هذا جعل من هذه الأمة السد المنيع الذي لا يمكن أن ينهار في وجه كل ظالم ومعتد ومتربص.
إن روح المقاومة في الإسلام تنبع من الحق الذي يؤمن به المسلمون والإيمان بعدالة القضايا الإسلامية، ومن الوجوب الديني في دحر المغتصب والباغي أياً كان، ويمكن أن نشير إلى بعض الإحصائيات التي دفعت البلدان للمقاومة، ومنها:
– أفغانستان: أكثر من مليون ونصف المليون شهيد، وأكثر من 6 ملايين مهجر إبان الاحتلال السوفيتي، وهناك إحصائية أخرى حول الغزو الأميركي لأفغانستان. –
– الجزائر: أكثر من مليون شهيد، أثناء الاحتلال الفرنسي.
– فلسطين: مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمهجرين جراء الاحتلال الصهيوني.
وكذلك في لبنان واليمن والصومال والشيشان وغيرها من بلدان المسلمين التي أبت وتأبى كل أشكال الظيم والظلم والخنوع والاستعباد، وهو الأمر الذي جعل الأمة الإسلامية تستعصي على كل أعدائها وخصومها.
وليس الفيتناميون بافضل من المسلمين في مقاومتهم وتصديهم وطردهم للمحتل الاميركي حينما قدموا في سبيل التحرر خلال سنوات الحرب الثماني، أكثر من مليوني قتيل و3 ملايين جريح و 12 مليون لاجئ.
أما العراق كان عنوانا بارزا في سجل المقاومة ورفض المحتل منذ ثورة العشرين والى يومنا هذا، لأن شعبه مؤمن عنيد، صحيح العقيدة، غذائه الروحي وشعاره هو (هيهات منا الذلة)، وكرامته فوق كل شيء.
العبرة والدرس الذي لا بد ان يفهمه الجميع ان “المقاومة” اساس وقاعدة وهدف، من خلالها وبفضلها ينعم البلد او الوطن بالحرية والاستقرار والسيادة في اتخاذ القرار، وان “المقاومة” هي نابعة من رحم ومعاناة الشعوب، وقياداتها تجرعت اقسى مرارات الاحتلال وعانت وتعاني تبعات الوجود الاجنبي في البلاد، اذ اخذت على عاتقها الاستمرار والصمود بوجه الاحتلال واذنابه، بعيدا عن المصالح الدنيوية والسياسية.
بعد كل ذلك لا توجد أي أهمية لمن يناهض العمل الجهادي “المقاوم”، وما يُقال سلباً “من أي فاه كان” ضد “المقاومة” فهو تحت “نِعال” المجاهدين الثابتين الصابرين ومريديهم وعارفي فضلهم.