أجمل النهايات؛ نهاية بطيحان
د.أمل الأسدي
بعيدا عن الحديث الذي يقارن بين البدايات والنهايات سنتحدث عن النهايات الجميلة، التي تضعها السنن الثابتة الماضية وتقررها، وأجمل نهاية يمكن أن تشاهدها، وأجمل ما يمكن أن تشعر به؛ هو أن تری الظالم ذليلا، مفضوحا، غارقا بالخزي والعار، أن تشاهد اللحظة التي يجرده الله فيها من السلطة، وينهي جبروته ويسحقه، فيتحول من الطغيان وظلم العباد، الی الذل والانكسار!!
فمن وجهة نظري أن في هذه النهايات نشوةً وفرحةً وتحققا لقوله تعالی:((…فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))(١) ومن النهايات التي يتذكرها العراقيون؛ نهايةٌ حدثت في الدراما العربية، ونهاية أخری واقعية، الأولی نهاية “بطيحان” الشخصية التي ظهرت في مسلسل “الغريبة”البدوي الأردني، والأخری حدثت في الواقع العراقي بتأريخ 30/ 12/ 2006، يوم إعدام الطاغية صدام الذي أذاق الشعب الويلات، وعرّضهم للقتل الجماعي والتهجير والجوع والحرمان والخوف الدائم !
فحين عُرض مسلسل” الغريبة” في ثمانينيات القرن الماضي، تفاعل العراقيون معه كثيرا؛ لأنه مس واقعهم، وجسّد شخصية الظالم المسلَّط عليهم، وذات يوم أصبح الناس وقد كُتب علی الجدران: “اجه يومك يابطيحان”
“بطيحان خان الملح والزاد”ولما علم البعثيون بهذا الأمر أزالوا الكتابات ومنعوا بث المسلسل!(٢)
إن العراقيين أذكياء جدا، وقد رصدوا هذا التشابه بين الدراما والواقع بدقة، فـ “بطيحان” كان شخصيةً مغمورة، ظهرت فجأة وأخذت تطيح بالقوم، وتعيث بالأرض فسادا، وتقتل وتعتدي علی الحرمات، وتسرق، وتخون، وتغدر، وتتظاهر بالطيبة والنخوة!!
يتظاهر “بطيحان” بالشجاعة ولكنه جبان، يزج غيره في المعارك والمخاطر بينما هو يبقی يردد الشعارات” اليوم يومك يا بطيحان.. اليوم يومك ..”
“بطيحان” سرق حلال” مناور” وفرق بينه وبين أخيه الشيخ”منور” وعشيرته، وعاش متنعما بأموال غيره، وظل يتآمر ويخطط ويغدر ويفرّ ساعة الحسم!
لكن النهاية الحتمية جاءت، ولم يحم ” بطيحان” مكره وخداعه وظلمه وغدره وأمواله!
جاءت النهاية يا “بطيحان” فاهرب واترك الشعارت، اُنجُ بنفسك!
ماذا؟ ينجو؟؟
كيف ينجو؟ إن وعد الله حق، وأنه سيكتب لبطيحان الواقع نهايةً مشابهة لـ “بطيحان” الدراما!
وتحققت نبوءة العراقيين حين كتبوا علی الجدران “اجه يومك يابطيحان” وهذه النهاية من أجمل النهايات، فمبارك لمن شاهد مثل هذه النهايات، ومبارك لمن كان جزءا من تحققها!!
والحمد لله علی نصره، وشكرا لله علی إعزازه، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تُحمل على الغمام، فيقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين”(٣)