هل المسلم الذي يكون انسان صالح جدا ولكنه لا يصلي لأي سبب من الأسباب اما بسبب التقصير أو العجز، هل سيدخل النار؟
د.مسعود ناجي إدريس
هل المسلم الذي يكون انسان صالح جدا ولكنه لا يصلي لأي سبب من الأسباب اما بسبب التقصير أو العجز، هل سيدخل النار؟ هل هناك أمل في الرحمة لمثل هؤلاء الناس؟
الجواب على هذا السؤال مذكور بأجمل طريقة في القرآن الكريم وأحاديث المعصومين عليهم السلام. هناك آية في القرآن تسأل بعض أهل النار وهم في العذاب: «مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴿المدثر/٤٢﴾» أحد الأسباب التي ذكرها اهل جهنم هو :«قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴿المدثر/٤٣﴾» . قال رسول الله (ص) :الصلاة عماد دينكم . (ميزان الحكمه ، ج 5، ص 370) (وسائل ، ج 3 ، ص 23 ، ح . 13).
أي أن قبول الصلاة شرط لقبول الأعمال الصالحة الأخرى. أي أنه إذا عمل الإنسان عملاً صالحاً ولم يصلي، أو إذا صلى ولكن الصلاة الخاطئة المرفوضة مردودة، فإن سائر حسناته سترد. وغني عن القول أن هناك أمل في الرحمة للجميع، رحمة تشمل كل شيء، أي إذا فرض الله عقوبة على فعل مثل ترك الصلاة، فيمكنه أن يغفر ولا يعاقب، ولكن الخوف من العقاب أمر جيد ويكون الدافع للصلاة.
….
سؤال: أعرف شخصا من أقاربي لا يجوز ذكر اسمه، يقول إنني لا أصلي لأن أغلب المصلين يرتكبون كبائر الذنوب، كالغيبة و… ويقول رغم إنني لا أصلي أنا لا ارتكب هذه الأشياء لذا لا إثم علي
جواب:
1- اسبابهم غير مقنعة على الإطلاق. نعم نتفق على أن بعض المصلين للأسف يرتكبون ذنوباً أيضاً.
2- هذا الشخص يرتكب واحدة من أكبر الكبائر بتركه الصلاة. وفي الدين ليس هناك فريضة مثل الصلاة.
وفي القرآن أمر الله بالصلاة (اقیموا الصلوة) والذي لا يصلي لم يطع أمر الله وعصى طاعة الله، وأي ذنب أعظم من هذا. فإذا قلنا: إن ذنب هذا الشخص ليس أكثر من هؤلاء (المصلين ويغتابون وغيرهم)، فإنه لا يقل عنهم بشيء .
سؤال :فإذا كان الأمر كذلك، فخلافاً لما ورد من روايات أن عدد أهل الجنة سيكون أكثر من أهل النار بكثير، ولن يبقى في النار إلا الكفار وأعداء الدين، وأنتم تعلمون جيداً أن عدد الناس الذين لا يصلون بيننا في بلدنا الإسلامي أكثر بكثير جداً من اهل الصلاة.
والآن لدي هذا السؤال: لقد رأينا من حولنا الكثير من الأشخاص الذين يخافون الله ويمتلكون الانسانية. في بعض الأحيان يكون هناك عدد غير قليل من الناس بينهم الذين قد يتخلفون عن الصلاة، فهل حقا الله الذي لا نهاية لرحمته سيُخلد أمثال أبي سفيان وشمر وابن ملجم في نار جهنم إلى الأبد ويحتفظ بمثل هؤلاء المؤمنين الذين ظلوا في الطريق المستقيم طوال حياتهم وكان لديهم إيمان كامل بالله إلى جانبهم إلى في نار جهنم، رغم ان هذا لا يتوافق مع عدل الله.
جواب
1- نقرأ في الروايات أن للمؤمن نورين: نور الخوف، ونور الرجاء، لا يوزن كل منهما أكثر من الآخر؛ ولذلك من كان رجاء الإنسان أكثر من خوفه فهو ضعيف الإيمان. لذا ينبغي أن نحاول أن ينمو الخوف والرجاء بشكل متوازٍ حتى لا نقع في المعصية، وهكذا لا يتكبر الإنسان على ارتكاب الذنب، لذلك لا ينبغي للمرء أن يخطئ على أمل رحمة الله. وكما أن الله يرحم، فإن عقابه أيضًا جاهز للخطاة؛ ولذلك فمن الخطأ أن نهتم فقط برحمة الله ونظن أننا قد خلصنا من غضبه.
2- كل من يدخل النار لن يبقى في النار إلى الأبد، ولن يبقى في النار إلا أناس معينون (مثل الكفار). والحقيقة بحسب الآيات والأحاديث أنه إذا كان الإنسان متجه نحو الله، ومحباً لله، ومؤمناً، محباً للرسول الكريم وأهل بيته؛ ولم يطهر نفسه من الملوثات والتعلقات، فسوف يواجه العذاب والضغوطات في يوم القيامة، وسيذهب إلى الطابق العلوي من النار، والذي إذا نظرت إلى فوقه، سترى الجنة. والمؤمن الخاطئ يبقى في هذا الجحيم المؤقت لفترة حتى يتطهر من هذه المعاصي ويصعد إلى الجنة.