الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

دول الخليج (أزمة دائمة )

منذ 10 أشهر
الثلاثاء - 15 اكتوبر 2024

محمود الهاشمي

 

ليس غريبا ان تقف دول الخليج مع (اسرائيل )،فهذه (الدول)حسمت امريكا
موقفها منذ تأسيسها وتتعامل معها كجزء من خارطتها ،وهذا خلل في المنظومة العربية وتفكيرها ،حيث ان واحدة من اليات امريكا الفاعلة انها تصنع دولا (ميؤوسا منها )وتشطب على اي تفكير
يحاول الدنو منها .
دول الخليج منذ ان تأسست مجرد (محميات بريطانية) ثم امريكية ولا نعرف ستصبح (زوجة )من في المستقبل فامراؤها يحسنون تطبيق المثل (من تزوج امي اصبح عمي ).
ادارت الولايات المتحدة وقبلها بريطانيا ملف الخليج وفق مثلث (حكم وراثي +فساد قيمي +توكيل امر القرارات المهمة الى المستشارين الغربيين ).
افادت دول الخليج الولايات المتحدة كثيرا في ايام الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي
فقد استخدمت دول الخليج المال والاعلام والتعبئة ضد كل العقائد والافكار التي تدعو للحرية والديمقراطية والسيادة والاستقلال ،والتنكيل بكل من ينتمي لها من شعوبها ،سواء كان داخل البلاد او خارجه، فيما تقف الى جانبها دول الغرب بالتغطية على جميع جرائمها ،للحفاظ على
السلطات الحاكمة .
الدين ،والنظام السياسي والاجتماعي والتعليمي جميعه في خدمة السلطة
ووفقا للمخطط الغربي بانّّ (هذه الدول لايحق لها ان تفكر ،(اكثر من ان تاكل وتشرب وتنام وتلهو )فاصبح (الكسل قرين شعوبها )لذا حين تملي عليها امريكا مشروعا لاتقوى على (الاعتراض)حتى وان خالف مزاجها او حتى عقيدتها الدينية او القيمية ..!فهي دول (بلااسنان )حيث دون جيوش ولاتسليح ولاتدريب ،وادارة الملف الامني بيد (الغرباء)!
حين هاجمت القوات العراقية دولة الكويت عام 1990 ،خرجت الحكومة الكويتية ،وباتوا امراؤهاضيوفا عند المملكة العربية السعودية لتاتي الجيوش الغربية بقيادة الولايات المتحدة وتقاتل نيابة عن حكومة وشعب الكويت وتخرج القوات العراقية وتعيد الامراء الى سلطانهم .
دول الخليج قليلة السكان وغالبا مايكون الغرباء اكثر من السكان الاصليين فمثلا
عدد السكان الاصليين الاماراتيين 850 الف نسمة بينما عدد الاجانب (11)مليون وهكذا على بقية الدول .
جميع دول الخليج تحت الحماية الغربية بشكل مباشر وغير مباشر ،لذا حين ساقتها
امريكا الى (التطبيع )لم تملك ان تعترض
وان امراءها ليس لهم سوى ان يوافقوا ،
وان اعترضوا فاما ان يقتلوا بدعوى مشاكل عائلية او ان يقالوا ليحل البديل (الجاهز )
من ذات الاسرة .
هذه المقدمة سقناها ،ونحن نعيش تفاصيل ووقائع معركة (طوفان الاقصى )
حيث نرى دول الخليج لم تكتفي
بالتخاذل والتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني وادانة قوى المقاومة واتهامها بالارهاب بل تديم له الحياة بعد ان اغلقت عليه المقاومة منافذ التجارة مع العالم عبر خنق مضيق هزمز من قبل انصار الله الحوثيين ،حيث باشرت دول الخليج بمد يد العون وفتح طريق بري لاسرائيل يمتد من الامارات الى البحرين والسعودية ثم الاردن الى اسرائيل .
مصر ايضا سارعت للمشاركة في دعم الوضع الاسرائيلي عبر اتفاق شركة مصرية للخدمات اللوجستية (WECS) وبالتعاون مع شركة (PUrans) بعد تفريغها في موانيء دبي والبحرين وميناءي بورسعيد والعين السخنة المصريين .
الرئيس السيسي كلما اشتد غضب العالم من شدة غلقه لمعبر رفح بوجه ارسال المساعدات الى اهالي غزة ردد (الاسرائيليون ميرضوش)! لكن السيسي يرضى ان الشركات المصرية تساهم بنقل
(الاغذية الطارجة )الى الصهاينة !!
الان علينا ان (نسلم )ان دول الخليج (هذا واقع حالها ) ولايحق لنا ان نطالب امراءها
باكثر من ذلك ،كما لايحق لذوي العقل والبصيرة ان ينتظروا من شعوب هذه الممالك فعلا يتجاوز قرارات قادتهم ،
وكيف نطالبهم وقد شهدنا فلما مصورا كاملا للكيفية التي تمت فيها عملية تقطيع جسد (المعارض السعودي قاشقچي )!
وكيف مملكة البحرين سحبت الجنسية من ابناء شعب البحرين لمجرد مطالبتهم
بمجلس شعب منتخب !!
المشكلة ان اموال الخليج لم تتوقف في حدود قهر شعوب هذه الدول بل تحولت الى مخططات لتخلف الامة برمتها ،
ووقفة عند اعتراف وزير خارجية قطر الاسبق حمد بن جاسم وكيف تم تشكيل غرفة عمليات تتكون من السعودية وقطر
والاردن وتركيا وامريكا بقيادة بندر بن سلطان ورصد مبلغ 2000 مليار دولار لاسقاط حكومة بشار الاسد عبر صناعة الارهاب ودعمه ).
ان مبلغ (2000)مليار دولار لايمكن لدول عدا دول الخليج تهيئته لهدف (سياسي)
وليس اقتصادي .
واذا كانت السعودية على مدى سبعة عقود
تتولى تثبيط عزم الامة وخذلانها ونصرة الحكومات التي تسير على الخط الاميركي ،فقد تولت (الامارات )هذا الدور بعد عام 2000 ليصل معدل تدخلها بشؤون الدول العربية الى (18)دولة
والسؤال ؛-مامصلحة الامارات بهذا التدخل
وهي البلد الصغير الذي لايتعدى عدد نفوسه ال(850) الف نسمة فيما عدد الاجانب (11)مليون ؟
لقد تحولت الامارات الى (اسرائيل ثانية )بالمنطقة .!
هناك مشكلة يواجهها المنهج اليساري في الولوج الى دول الخليج بانها (دول غنية )

وبكل الاحوال ليس هنالك (فقر مدقع )ليصنع الصراع ويؤججه ،ثم مع تعاقب الزمن بات المواطن الخليجي يرى
بملوكه وامرائه (الهة مقدسة )حيث اتذكر مرة ان احد مواطني الخليج قال في برنامج اذاعي (اذا مات رجال ال سعود جميعهم فسوف نؤمر نساءهم علينا ) وهذا يعود للاعلام ايضا حيث استطاعت دول الخليج ان تستقدم المئات من الاعلاميين المحترفين ليهتفوا لها ليل نهار وان يعظموا من شأن حكامها .
الدول الملكية الاخرى مثل الاردن والمغرب العربي ايضا تم شراء قياداتهم
واستحكام القبضة على الشعب ،رغم ان الشعب المغربي فيه من المفكرين والكتاب المبدعين الكثير ولكن اغلبهم يفر خارج البلاد ،ودول اوربا فيها مساحة لاستيعاب مواهبهم بعيدا عن بلدهم .
الاردن تعيش على المساعدات الاميركية والخليجية وبنظام ملكي وراثي واستطاعت
اجهزة الامن ان تروض الواقع وان تنشيء طبقة من التجار والمنتفعين واحزاب السلطة ورؤساء العشاىر لصالح النظام ،
لدرجة ان التجار الاردنيين مازالوا يبيعون بضاعتهم من المنتجات الزراعية والفواكه الى اسرائيل ،واكتفى وزير الزراعة الاردني بالقول (ليس لدينا قانون يمنعهم لكن هم عليهم ان يحتشوا )!
ولما كانت الدول العربية (الاخرى )اغرقتها فيضانات (الربيع العربي)فاصبح عدد كبير
من شعوب هذه الدول في منأى عن اي قرار عربي فاعل ،وليس غريبا ان دولة جنوب افريقيا تقدم طلبا الى محكمة العدل الدولية لمحاكمة اسرائيل في قضية الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني فيما العرب عموما غير قادرين على ذلك ،والانكى انهم ينادون (عدم توسيع الحرب )ليتركوا شعب غزة يموت وهم عنه غافلون .!
قبل ان تنطلق معركة (طوفان الاقصى )كان
الاعلام الخارجي مصحوبا ب(صمت خليجي )يركز على معادلة جديدة (مالنا ومال فلسطين )و(والنقم علاقة مع امريكا واسرائيل بعيدا عن فلسطين )ورسالة رئيس تحرير جريدة السياسية الكويتية احمد الجارالله الى الملك محمد بن سلمان في الثلاثين من ايلول لعام 2023 واضحة حيث افتتحها (إنَّ القضيَّة الفلسطينيَّة لم تعد ملفاً عربياً) حاثاً الملك السعودي للمضي بالتطبيع مع (الصهاينة )
اذن (الامة )بحاجة الى (اعاة انتاج )وهذا يقع على عاتق النخب المثقفة ..
جدير بالذكر ان معركة (طوفان الاقصى ) اعادت (القضية الفلسطينية )بقوة الى الواجهة العالمية ولكن اكثر مانخشاه
ان (تُفرغ )شحنات هذه المعركة (الحاسمة )بعيدا عن الساحة العربية ان لم نقل (تخنقها ) الساحة العربية الملأى ب(التناقضات )و(الفوضى )!
ماهو مطلوب ان تتبنى (الفئة المثقفة )خطابا غير (الخطاب التقليدي )الذي (يلعن خذلان الامة )ويذكر ب(الانتكاسات ) و(يشتم القادة والملوك العرب )فقد ادمنوا ذلك ،وبالمقابل انهم امتلكوا (ماكنة اعلامية) ضخمة لانقوى على مواجهتها ، مستفيدين من جميع الطاقات العربية والاجنبية التي (مسها الضر )فوجدت بهذه (الماكنة )سبيلا لتوفير لقمة العيش .