انت مملوك وليس ملك؟!
عدنان جواد
يذكر ان هارون الرشيد مر بالمقبرة فرأى البهلول جالس فيها، فقال له : ماذا تفعل هنا ايها المجنون، فركض البهلول لشجرة قريبة وتسلقها، ورد عليه: فقال له انت المجنون وليس انا، فقال له هارون وكيف ذلك، فرد البهلول انت تعمر هذا ويشير الى ( القصر) وتنسى هذا ويعني القبر ، وانت تعلم ان الاول زائل والثاني باقي، اما انا فاعمر القبر وليس لي شان بالقصر، قال هارون صدقت ، زدني يا بهلول واطلب حاجة اقضيها لك، فقال البهلول: اطلب منك ثلاث حاجات اذا قضيتها لي سأكون شاكراً لك، فرد هارون اطلب ما شئت، فقال البهلول : هل تستطيع اطالة عمري، او ان تمنع ملك الموت من الوصول الي، او ان تدخلني الجنة وتمنع عني النار، فرد هارون لا استطيع ذلك، فأجابه البهلول اذن فانت مملوك وليس ملك؟!.
الحقيقة التي يجب ان يفهمها الجميع والشيعة بالخصوص، ان منهج اهل البيت عليهم السلام هو التقويم، والتمسك بمن يذكر لنا عيوبنا وينصحنا وينتقدنا خدمة للصالح العام وصالحنا، فعندما يكون المرء شيعياً، يعني انه مؤمن حقيقي يسير على خطى الرسول واهل بيته الطيبين الطاهرين، لا ينافق ولايهادن ولا يسرق ولا يظلم ولا يسكت على الظلم، ويحبذ من ينصحه ويذكر له عيوبه، ويطرد من صحبته وحضرته المداحين والمتملقين والمنافقين، فهو يسير على قانون وقيادة واضحة لا لبس فيها، القانون كتاب الله القران الكريم، وبيان النبي لهذا الكتاب وتفسيره من قبل اهل البيت، وقيادة شرعية متمثلة باهل البيت عليهم السلام والسير على منهجهم، يواليهم ويوالي من يواليهم، ويعادي من يعاديهم من الاولين والاخرين، وهناك بوصلة ومقياس واضح للمؤمن الشيعي، عندما يسال نفسه، لو كان في زمن الامام الحسين عليه السلام، هل سيقف مع الحسين ويقاتل معه الظلمة ام سيقف متفرجاً او يقف مع اعداءه ؟ وفي الجواب على هذا السؤال يحدد الهوية، فالتمسك باهل البيت ونهجهم امر صعب ومستصعب في زمن المغريات الدنيوية وملك هارون والنمرود وسلطة فرعون، فهم الحد الفاصل بين الهدى واكتمال الايمان كما في التمسك بالثقلين كتاب الله والعترة الطاهرة، فهم كالنهر الصافي الجاري يعرفه الذين يشربون منه اكثر من الذين يتفرجون عليه، وهنا نحن لا نريد ان نعود للتاريخ الاسلامي والاموي والعباسي، ولا نريد ان نتكلم عن الشيخ ابن تيميه ولا محمد بن عبدالوهاب او الشيخ حسن البنا، وموقفهم من اهل البيت واتباعهم الروافض، ولكن الحقيقة تجلت اليوم في الحرب الاخيرة في غزة ومن يقف مع الحق رغم التحديات والصعوبات والعقوبات، فمن وقف مع الفلسطينيين؟، وما هو موقف مشايخ اليوم وعاظ السلاطين الذين اصدروا الفتاوى بالأمس القريب لقتل المسلمين لبعضهم البعض في العراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا واليمن وغيرها، واليوم يصمتون ، بل يمنعون الناس للخروج لمساندة اهل غزة الذين وصل عدد الشهداء لديهم (22) الف شهيد غير تهديم المنازل على رؤوس ساكنيها، ومنع الغذاء والدواء من الوصول اليهم، ويبررون ذلك بانهم يتبعون الحاكم حتى لو كان زاني كما في صحيح مسلم، وما دام الحاكم يرفض المشاركة في نصرة غزة ودعم اسرائيل فيجب الوقوف معه واتباعه، وحجتهم الاخرى ان حماس تتبع الروافض وما دامت مع الروافض فنحن لا ندعمها، والحقيقة الواضحة انهم جبناء لايقفون بوجه الظالم، وينبطحون تحت اقدام الخونة والظالمين ويسيرون خلف المخابرات وتوجيهات الصهاينة وعملائهم، فالروافض يرفضون الذل والمهانة، ولديهم قيادة وقانون، فالرسول واهل بيته والمراجع هم القادة الذين يوجهونهم التوجيه الصحيح، واما القانون فهو القران الكريم وبيانه من قبل النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم، التي كانت اول وصاياه بالأمام علي عليه السلام ” ان هذا اميني وخليفتي ووصيي فيكم فاسمعوا له واطيعوه” لكنهم خالفوا وصيته وحاربوا علي واهل بيته من بعده.
ان الولاء لأهل البيت عليهم السلام يؤهل الانسان لتحمل المسؤولية، هاهم الحوثيون وبرغم الحصار وحاجات شعبهم والحروب التي خاضوها ، يقفون بكل ما يستطيعون مع غزة فيرسلون الصواريخ والمسيرات لاستهداف اسرائيل لكن القوات المصرية والاردنية تسقطها، ويفرضون حصاراً على السفن التي تنقل مساعدات للدولة الصهيونية، والادعاء باننا نتبع اهل البيت يتطلب التزام بقضايا الامة، والدفاع عن الاسلام ، وان لا ننعق وراء كل ناعق ، ونسير خلف التوافه وتقليد الاخرين بحجة التحضر!!، وتكون المسؤولية مضاعفه على اصحاب السلطة والقرار، بان يقفوا مع الحق وان لا يظلموا ولا يسرقوا المال العام، ويسلكوا سلوك اهل البيت في التعامل مع الناس ، وان يتبعوا ويقربوا من ينصحهم ويذكر لهم عيوبهم، ويبعدوا المتلونين والمداحين ، الذين يجملون الامور، ويجعلونهم ملوك واصحاب عروش وقصور، فينفخونهم حتى يضربهم داء العظمة الذي دمر الكثير من قبلهم، وان لا يغريهم سلطان هارون ويبعدهم عن الحق واهله، فهم ليس ملوك وانما مملوكين.
ـ اقتباس من كتاب نفحات الهداية
مستبصرون ببركة الامام الحسين(عليه السلام)
تفضلكم بنشره ونكون لكم من الشاكرين