الأحد - 01 ديسمبر 2024
منذ 10 أشهر
الأحد - 01 ديسمبر 2024

واثق الجابري ||

تحتاج التساؤلات عن حاجة العراق لقوات تحالف دولي للاستشارة والتدريب، إلى أجوبة واقعية تتعلق بجوانب فنية عسكرية وسياسية حكومية، بعيدًا عن العاطفية والمبالغة غير المنطقية.
كلنا يتذكر كيف انهارت القوات الأمنية العراقية، واجتاح الإرهاب مساحات شاسعة من العراق دون مقاومة، وفي تلك الأيام صدرت الفتوى التي لبّى نداءها الملايين، بلا سلاح ولا تدريب ولا ملابس عسكرية، هبوا ولم يفكروا بعمل ولا قوت عائلة، وصور كثيرة ما تزال عالقة في أذهان العراقيين، وهم يروون التسابق إلى الجبهات، صغارًا وكبارا، وخلفهم ملايين أخرى داعمة؛ تسلح جميعهم بفتوى مقدسة وأصرار على تحرير الأرض، واستعادة هيبة دولة صارت مذابحها في الشوارع، ومفخخاتها تلاحق الأبرياء حتى في منازلهم، وإرهاب أسود لبّد سماء العراق وملأ هواءه بروائح الموت والجثث الملقاة في الطرقات.
تلك الملايين لا تقتصر على المقاتلين في الجبهات، بل شعب برمته تحول إلى خلية متكاملة، يشعر كل فرد فيه أنه أمام مسؤولية وأنه مكلف بواجب الدفاع ومهدد بالإرهاب الأسود، ولم يكتفِ المقاتلون بالمعركة، بل عملوا في كل جوانبها الإنسانية والأخلاقية، كفرق اغاثة وإيصال مساعدات، وصور إعلامية لا يمكن حصرها.
إن التواجد الأجنبي في العراق، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، جاء وفق حاجة مرحلية وتهديد العصابات الإرهابية، إلاّ أن القوات الأمنية العراقية أخذت زمام المبادرة واستطاعت تحرير الأرض العراقية، وبعد الاستقرار الأمني والسياسي جاء الطلب العراقي بعدم الحاجة لقوات قتالية، ومن هذا المنطلق حولت القوات الأمريكية نفس ما موجود إلى تسمية قوات استشارة وتدريب، في حين ان الواقع كشف أنها قوات قتالية تمتلك أسلحة متطورة،وتستهدف القوات الامنية العراقية، في اكثر من مرة ، وهذا ما اثار غضب الحكومة العراقية، وخرق سيادة البلد، في وقت تقول فيه كل المؤشرات لاحاجة للعراق إلى قوات مقاتلة أو للتدريب والاستشارة، لعدم وجود إرهاب تهدد بعودته الولايات المتحدة الأمريكية، والقوات الأمنية مدربة أو من التحق بها مدرب بالفطرة على حب وطنه.
ضربت القوات الامنية أمثلة في القتال والشجاعة، تصلح أن تكون دروساً للجيوش العالمية، وخاضت حربًا نظيفةً مع عدو لا يملك أية قيمة اخلاقية وإنسانية، وهي تمسك الملفات الامنية وخبراتها لا تحتاج إلى تدريب، في حين أن كل التقارير الفنية العسكرية تؤكد قدرة العراق على مسك ملفه الأمني، وأصبحت قوات التحالف الدولي سببًا لعدم الاستقرار السياسي والأمني والمجتمعي، ورؤية الدولة باتجاه بناء علاقات متوازنة مع الدول على أساس المصالح المتبادلة، والتعاون الاقتصادي والاستثماري، وتطوير التسليح من خلال تعدد مصادره وبالذات الدفاعات الجوية، والمقاتل العراقي مُدرَّبٌ منذ الطفولة على حب وطنه والتضحية لأجله، ولا يحتاج تدريبَ أحد.