التسليح.. ملف لا يقبل الابتزاز الأمريكي..!!
سعيد البدري ||
لم يعد سراً، ان واشنطن لا تلتزم ببنود التعاقدات العسكرية مع العراق، ومن المعلوم ان الجانب الأمريكي يريد جيشاً عراقياً على مقاساته، لئلا يشكل تهديداً للكيان الغاصب، فضلا عن ضغوط داخلية تمارسها أطراف شريكة في العملية السياسية، وهي لا ترغب برؤية جيش اتحادي عراقي، قادر، متفوق، متنوع التسليح، وبأحدث المواصفات.
وفي سياق الحديث عن عدم التزام الأمريكيين ومن واقع تجربة مريرة يمكننا فهم عدم تنفيذهم للاتفاقيات التسليحية السابقة ومماطلتهم، وقد اثبتوا ذلك جلياً بعدم تزويد الجانب العراقي بطائرات ال f 16 ومنظومات الدفاع الجوي، حيث جرى تأخير تنفيذ بنود تسليح القوة الجوية العراقية لمدة تجاوزت الثماني سنوات كاملة من تاريخ امضاء الاتفاقية، وهو ما يؤشر الى ان الولايات المتحدة الأمريكية، ابتزت العراق بملف التسليح العسكري والجوي، وكانت حججها هي وجود تهديدات محلية في اشارة لمؤسسة الحشد الشعبي، الذي طالما ربط مسؤولون أمريكيون ملف تسليح الجيش بشكل عام والقوة الجوية والدفاع الجوي العراقي وانفاذ أي عقود تسليحية بتفكيكه، فهم يعتبرون الحشد الشعبي، خطرا، وانهاء وجوده مطلبا لا يتورعون عن التصريح به، وهو ربط غريب يثير التساؤلات ويشي بسلوك عدواني بغيض ونفس تحكمي مستفز للجانب العراقي شعبا وحكومة .
لقد غضت أمريكا البصر طويلا خلال حربنا مع عصابات داعش الإرهابية بل أكثر من ذلك، حيث جاءت اعترافات كبار قادة الادارة الامريكية السابقين عن ضلوعهم بدعم وتدريب وإعداد هذه العصابات الاجرامية، وعليه فلا يمكن الوثوق بطرف يرتدي زي الحليف، وفي حقيقته يمثل العداوة للشعب ومؤسساته، ومن غير الممكن، ان يصل بلدنا لمرحلة النهوض والتطور واستكمال سيادته على أرضه وسمائه وبحره دون تمكين قواته العسكرية وتعزيز قدراتها القتالية والتسليحية وهو ما ينبغي فهمه وعدم التهاون به مطلقا.
إن من أوجب الواجبات الوطنية هو عدم الإبقاء على عملية التسليح والاتفاقيات السابقة مع الجانب الأمريكي بهذه الكيفية التي تسبب ضررا بالغا للدولة العراقية، ولن تسهم بتطوير قواتنا بل ستهز ثقتنا بمؤسساتنا وتكريس عجزها والتقليل من قدراتها في قادم المواعيد خصوصا في ظل الازمات والتحديات القائمة، كما ان محاولة أمريكا السيطرة على صفقات تسليح الجيش العراقي من خلال منع العراق من تنويع مصادر تسليحه والضغط باتجاه عدم تمويلها باستخدام ورقة الفيدرالي الأمريكي وعقد صفقات مشبوهة مع اطراف عراقية، لعرقلة تمرير هذه الصفقات في الجوانب التي يحتاجها الجيش العراقي والقوى الأمنية الأخرى يستوجب قراراً وطنياً ورداً حاسماً يجعل العراق سيداً لنفسه حامياً لترابه ومقدرات شعبه فعلاً لا مجرد أقاويل للاستهلاك المحلي .
ان حماية الأرض العراقية والأمن القومي لبلادنا، ملف هام وقضية مصيرية لا تحتمل المساومة وما نراه من مزايدات أمريكية على حساب أمننا، وهو ما يتطلب حرصا واهتماما بالغا لإنفاذ ما تقدم، ولعل الدعوات النيابية التي انطلقت مؤخرا تحتاج منا كنخب عراقية ان تتوحد جهودنا للضغط على أصحاب القرار، بفتح هذا الملف وبلورة رؤية وقرار وطني يدفع باتجاه تعزيز مؤسساتنا، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية التي يجب ان تكون درعاً لبلادنا ومدافعا قادرا على الدفاع عن مستقبل أجيالنا.