الأحد - 12 يناير 2025

غزّة بين مسار الضمانات ومسار الجزائر ..!

منذ 11 شهر
الأحد - 12 يناير 2025

السفير الدكتور جواد الهنداوي ||

رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات
و تعزيز القدرات /بروكسل / ٢٠٢٤/٢/٢٢ .
الجميع يبحثُ عن وقف إطلاق النار في غزّة ، او بالأحرى وقف الابادة الجماعية و الحرب ضّدَ الإنسانية في غزّة ، والتي شبّهها الرئيس لولا دا سيلفا ،رئيس البرازيل ،بمحرقة النازية ( ٢٠٢٤/٢/١٨ ) ،و اعتبرها رئيس فنزويلاً بهولوكست ثاني ( ٢٠٢٤/١/٣ ) ، وسبقهم الرئيس اوردغان بهذا التوصيف لجرائم غزّة ،حين وصفَ علناً و بوضوح ، وبتاريخ ٢٠٢٣/١٢/٢٧، ” نتنياهو بهتلر ،وإسرائيل دولة ارهابية ،والجرائم المُرتكبه من قبل إسرائيل في غزّة تماثلُ جرائم النازية ” ( انظر في ذلك ، صحيفة رأي اليوم الإلكترونيّة ، بتاريخ ٢٠٢٣/١٢/٢٣ ) . كذلك مقالنا ويعنوان ، موقف اوردغان تجاه غزّة : سياسي ام إنساني ، بتاريخ ٢٠٢٣/١٢/٢٩ ، صحيفة الحوار الإلكترونية اللبنانية .
الجميع يريد ايقاف الحرب ،و اقصد بالجميع محور الابادة ،وفي مقدمتهم الكيان المحتل و امريكا ،ومحور المقاومة ،وفي مقدمتهم حماس و المقاومة في جنوب لبنان ، وكّلُ محور يريد ايقاف الحرب وفق شروطه ، فالكيان المحتل يبحث عن نصر ،ليكون هذا النصر حُجّة لقبوله وقف الحرب ،نصرٌ يحفظُ ماء الوجه . ومحور المقاومة لا يُفّرطُ بما حقّقه من انتصارات في ٧ اكتوبر وفي صموده الأسطوري في المقاومة وتكبيده العدو خسائر في المعدات و الأرواح . وفي مقال للكاتب ديفيد هيرست ، في ميدل إست آي ،مترجم ومنشور في صحيفة الحوار الالكترونية،اللبنانية بتاريخ ٢٠٢٤/٢/٢٠ ، عن الحرب في غزّة ، يقول فيه ” استغرق الجيش الاسرائيلي اربعة اشهر لشق طريقه إلى قطعة ارض طولها 41 كيلومتر وعرضها 12 كيلومتر، وفي المقابل ،استغرق الأمر خمسة اسابيع كي يتمكن التحالف الدولي بقيادة امريكا للاستلاء على بغداد عام ٢٠٠٣ …” انتهى الاقتباس . ويضيف الكاتب ايضاً ” استخدمت اسرائيل ذخيرة نفس ما استخدمته امريكا سبع سنوات في العراق …” انتهى الأقتباس.
استعينّنا بهذه المقتبسات من مقال الكاتب ،كي نُظهر حجم الاستثمار الإجرامي لمحور الابادة في غزّة ، ومع ذلك لم يحقّق هذا المحور الاهداف السياسية والعسكرية المطلوبة .
صمدت المقاومة عسكرياً في غزّة ،ولكن هل ستصمد سياسياً ؟ و اقصد هل ستقاوم طلبات و إلحاحات وضغوط الوسطاء العرب الساعين لانجاح صفقة تبادل الاسرى و وقف الحرب في عزّة ؟
ما يجري اليوم ،هو في الحقيقة سباق بين مسار وقف الحرب ،عِبرَ اتفاق بين المقاومة في غزة والكيان المحتل و بوساطات و ضمانات قطرية و مصرية و تركية ، ومسار لوقف إطلاق النار عبر قرار لمجلس الامن الدولي ،بموجبه يفرض المجلس على إسرائيل وقف أطلاق النار .
فرق كبير بين المساريّن . محور الابادة مُستقتل من اجل ابرام اتفاق ثنائي غير مباشر بين حماس و الكيان ، وبموجب الاتفاق يتم ايقاف الحرب ،و سيتضمن الاتفاق حتماً إطلاق سراح الاسرى لدى حماس ، بينما محور المقاومة يسعى إلى وقف الحرب بقرار يصدره مجلس الامن الدولي ،و قد تبنّت الجزائر طرح مشروع امام مجلس الامن الدولي لوقف حرب الابادة في غزّة ، بتاريخ ٢٠٢٤/٢/٢٠ ، وصوتت ١٣ دولة لصالح المشروع وأمتنعت بريطانيا عن التصويت ، واستخدمت ،كما هو متوقع ،امريكا حق النقض ( الفيتو ) ضّدَ القرار . وهذا الفيتو الثالث الذي استخدمته امريكا ضد مشاريع وقف الحرب في غزّة ،الأمر الذي يجعل امريكا مُشاركاً فاعلاً في صناعة الموت والمجاعة والإبادة في غزّة .
المقاومة في غزّة امام موقف سياسي صعب و تاريخي ، واصبحت امام معركة سياسية لا تقلُ ألماً من معركتها العسكرية ،فهي إما ان تصمد وتتمسك بشروطها في المفاوضات ،التي تراها منطقية وتضمن مصالحها وتعزّز صمودها وانتصارها العسكري ، و إمّا ان ترضخ لضغوط الوساطات التركية والمصرية والقطرية ؛ وساطات وبتنسيق مع امريكا و إسرائيل ، و بضمانات وتعهدات مصرية و تركية على التزام إسرائيل بما يتم الاتفاق عليه .
لا نشكُ في النوايا الحسنة للوساطات المصرية والقطرية و التركية ،ولكن نشكُ في الارادة السيئة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية،و المآلات التي ستصلُ اليها تعهدات اسرائيل والتزاماتها بأي اتفاق يُبرمْ بين المقاومة الفلسطينية في غزّة و اسرائيل . ولنا في اتفاقيات اوسلوا المُبرمة بين السلطة الفلسطينية و اسرائيل في عام ١٩٩٣ خير شاهد على تنصّل اسرائيل والذين ضمنوا إسرائيل من تنفيذ ما اتفقت عليه إسرائيل .
مِنْ بين اهداف التحركات السياسية والدبلوماسية و المصالحات التي تتم بين دول المنطقة هو هدف وقف إطلاق النار في غزّة ،وبما يحفظ ماء وجه ومصلحة الكيان الاسرائيلي ،وبناءاً على ارادة أمريكية ،وتحت يافطة أمن واستقرار و ازدهار المنطقة .