الخميس - 06 فيراير 2025

الانتظار العملي: حياة في ظلال الغيبة الكبرى

منذ 12 شهر
الخميس - 06 فيراير 2025

د.عامر الطائي ||

في زمن الغيبة الكبرى، حيث الأنظار تتوق إلى ظهور الإمام المهدي عليه السلام، يعيش المؤمنون في حالة من الانتظار العملي، انتظار يتجاوز مفهوم الزمان إلى عمق الفعل والوجود. إنه ليس مجرد انتظار سلبي، بل هو استعداد نشط، محاولة جادة لتجسير الهوة بين الواقع والمأمول، بين الحال والمآل.
الانتظار العملي هو فعل وجودي يتطلب منا أن نعيش حالة طوارئ دائمة، طوارئ الاستعداد واليقظة، حيث كل لحظة تحمل إمكانية للعمل والتغيير. إنه يدعونا لأن نكون أفضل ما يمكن، ليس فقط في أعمالنا الظاهرة بل في أعماق قلوبنا وأرواحنا. يطلب منا أن نكون جسورين في سعينا للعدالة، كرماء في محبتنا، وصادقين في عبادتنا.
تحقيق أهداف الانتظار العملي يعني أن نعمل على إصلاح ذاتنا ومجتمعنا، أن ننشر قيم الحق والعدل والمساواة، أن نكون مصابيح هداية في ظلمات الجهل والظلم. يتطلب منا ذلك بذل جهود مضنية ومستمرة، والتزامًا لا يلين بمبادئ الإسلام السامية، وصبرًا جميلًا يتجاوز حدود الزمن.
في هذه الرحلة، يجب أن نكون على استعداد لمواجهة التحديات بقلب راسخ وإيمان ثابت. الانتظار العملي يعلمنا أن العقبات ليست سوى فرص للنمو والتطور، أن كل تجربة مريرة هي خطوة نحو الكمال، أن كل لحظة صعبة هي دعوة لتعزيز ارتباطنا بالله وبالأمل في ظهور فجر جديد.
إن العمل في زمن الغيبة ليس مجرد واجب، بل هو تكريم، فرصة لأن نكون جزءًا من قصة عظيمة تتجاوز حدود أنفسنا. هو دعوة لأن نحيا بقيم تتوافق مع رسالة الإمام المهدي عليه السلام، أن نكون شهودًا على العدل والرحمة في عالم يحتاجهما بشدة.
لذا، دعونا نعيش الانتظار العملي بكل ما أوتينا من قوة وإخلاص، متذكرين أن كل جهد نبذله هو خطوة نحو ذلك الفجر المنتظر، وأن في كل عمل صالح، مهما كان صغيرًا، إسهام في بناء العالم الذي نحلم به. وفي هذا السعي، نحن لا ننتظر الإمام المهدي عليه السلام فحسب، بل نعمل جاهدين لنكون من أنصاره وأعوانه، في كل لحظة من لحظات حياتنا.