الجمعة - 17 يناير 2025
منذ 11 شهر
الجمعة - 17 يناير 2025

د ناجي الفتلاوي ||

قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ،ودونه مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين،
الكلام أعلاه لسيد البلاغة وربانها الإمام علي ع ،يبين فيها حدود التقوى في عالم السياسة ،وهنا نستشف الكثير من المعاني ، منها أن التقوى توجد في كل العوالم وحسب خصوصيات ذلك العالم ،فالتقوى إجمالا ،ان يجدك الله حيث أمرك ويفتقدك حيث نهى وحذر،وهنا لابد من إثارة التساؤلات أدناه للاحاطة بلحظة التنوير المتوخاة من هذا الكلام :
هل نستطيع القول ان لكل مساحة تقوى ؟
ما مقدار التلازم بين المسؤولية وثقلها وبين التقوى ؟
وهل وجودها محوري في رسم المصير ؟
وبماذا ترتبط هذه التقوى ؟ وكيف تكون حاضرة ؟
وما الطريق الى جعل التقوى حاضرة في المجتمع السياسي ؟
واذا كانت التقوى على نطاق الفرد لها مجال اشتغال له مصاديق عديدة منها كبح جماح النفس وتطويق الشيطان وتقليص مساحته ,فضلا عن ذلك تجعل منك انموذجا في تطبيق المبدأ القرآني (وسابقوا) ,فما مجال اشتغال التقوى الجماعية ؟وهل للتقوى السياسية نافذة مطلة على التقوى بالمعنيين الفردي والجماعي ؟
موضوعيا ،ما مقدار تواجد مثل هكذا تقوى في عالمنا السياسي اليوم،وهل حصل فيها زحافات فرضتها طبيعة نسق الوعي الشائع ؟
والتساؤلات في هذا المضمار كثيرة ،ولكن يبدو أن معادلة القادة والاتباع ألقت بظلالها على كل المجالات ومنها المجالات السياسية ،قادة العالم اليوم في المنظومة الغربية اعتمدوا المنهج الميكافيلي في التعاطي السياسي (الغاية تبرر الوسيلة) فحضر لديهم المنجز المادي وغاب عنهم المنهج القيمي وهذا ما يتماهى مع طروحات ما بعد الحداثة العائمة على مفاهيم تسليع البشر والنظرية المادية المتصحرة على حساب كينونة الإنسان ،لذا نجد الكثير من الساسة العرب باعتبارهم اتباعا لساسة الغرب وقعوا في المطب الميكافيلي ،اما القادة الذين هم على نهج الي ع ويملكون تقوى سياسية نطالبهم بالمصداق ،فعلي ع ملك الماء ثم منحه لرهط معاوية الذين منعوه عنه في مشهد سابق ،معاوية ميكافيلي المنهج والنزعة وعلي ع سماوي القيمة والنزعة ،ولسياسيينا أن يعرضوا أنفسهم على هذا الاختبار فأما مع منهج معاوية قديما وميكافيلي معاصرا أو مع منهج علي ع الذي لا يضمحل طالما أن هناك رب بصير لا تفوته صغيرة ولا كبيرة إلا احصاها.