١٢٦٢ سنة بغداد تنوح لمن ؟؟
ريام شهيد ||
قال الشاعر “من مبلغ الإسلام أن زعـيمه قد مات في سجن الرشيد سميما
فالغيُ بات بموته طرب الحشا وغـدا لمأتمه الرشاد مـقيما
مُلقى على جســر الرصافة نعشه فيه الملائك أحدقوا تعظيما”
تمر علينا اليوم ذكرى ،أستشهاد أمامنا موسى أبن جعفر (علية السلام) ، صاحب السجدة الطويلة ، في سجون الخلافة العباسية في بغداد .
إن لهذه الواقعة أثرها الأليم ، في قلوب محبي أهل البيت ، لذا نرى إن بغداد وسائر محافظات العراق ، تنعى راهب آل محمد (عليهم الصلاة والسلام )في الخامس والعشرون من رجب .
حيث تنصب السرادق ،ويقام العزاء ، ويبذل الطعام وسائر الخدمات لزوار الحضره الكاظمية المقدسة .
فبعد إن ظن الرشيد العباسي، وسجانيه
أنهم سيطمسون الهوية الشيعية، بقمع العلوين والطالبين من ابناء عمومتهم ،
أصبحت بغداد الآن بأكملها تبكي وتنوح الإمام الكاظم علية السلام ، وتستذكر طغيان السلطة وما فعله السندي أبن شاهك ، بالإمام السابع (علية السلام )، من تنكيل والتضيق عليه بكل الوسائل ابتغاء لمرضاة الخليفة.
حتى أرسل الإمام ( عليه السلام ) رسالة إلى هارون العباسي أعرب فيها عن نقمته عليه ، وهذا هو نَصّها : ( إِنّه لن يَنقضي عَنّي يوم من البلاء حَتى ينقضي عَنك يوم من الرّخَاء حتى نَفنَى جميعاً إلى يومٍ ليس فيه انقضاء ، وهُناك يَخسرُ المُبطلون ) .
وحكت هذه الرسالة ما أَلمّ بالإمام ( عليه السلام ) من الأسى في السجن ، وأنه سيحاكم الطاغية هارون أمام الله تعالى في يوم يخسر فيه المبطلون .
عهد هارون إلى السندي باغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، فَدُسّ له سُمّاً فاتكاً في رطب ، وأجبره السندي على تناوله .
فأكل ( عليه السلام ) مِنهُ رطبات يسيرة ، فقال له السندي : زِد على ذلك .
فَرَمَقَهُ الإمام ( عليه السلام ) بَطَرْفِه وقال له : ( حَسبُكَ ، قد بَلغتُ ما تحتاجُ إليه ) .
وتفاعل السم في بدنه ( عليه السلام ) ، وأخذ يعاني الآلام القاسية ، وقد حفت به الشرطة القُساة .
ولازَمه السندي ، وكان يُسمِعُه مُرَّ الكلام وأقساه ، ومَنعَ عنه جميع الإسعافات لِيُعَجّل له لقاء ربه .
بعد ان إستشهد الإمام ،حاولت السلطات العباسية القمعية، تبرئة نفسها من أي مسؤولية محتملة، فعمد السندي إلى جمع 80 شخصا من السجن ، قبل وفاة الكاظم وطلب منهم ان يطلعوا على حال الكاظم ، وإن يسالوه ما إذا كان أحدا قد
اذاه فالتفت الكاظم للشهود وقال:
أشهدوا علي اني مقتول بالسم منذ ثلاثة أيام، أشهدوا اني صحيح الظاهر، لكني مسموم وساحمر في هذا اليوم حمرةً شديدة، وأبيض بعد غد، وأمضي إلى رحمة الله ورضوانه.
ووضع بعد ذلك على جسر الرصافة في بغداد تنظر له المارة ثم حمل الجنود
نعشه وصاروا يصيحون : هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة انه لايموت، فانظروا له ميتا.
وحُمل الجثمان وسط الجماهير المجتمعة ليوارى الثرى في المقبرة المعروفة بمقبرة قريش.
اليوم نرى بغداد تنسى العباسين وتضع نفسها تحت امر الكاظم وتحتضن المعزين عظم الله أجركم .