ظلم في ظل البعث: قصة طه الجزراوي
د.عامر الطائي ||
في أحد فصول التاريخ المظلم للعراق، تحت ظل نظام البعث الصدامي، تبرز قصة طه الجزراوي، القائد المتسلط والشخصية الإجرامية التي خلفت وراءها سجلًا حافلًا بالظلم والتنكيل بالشعب العراقي. طه، المعروف بقسوته وبطشه، كان يقود فصيلاً من الجيش الشعبي بيد من حديد، وكانت طرقه في التعامل مع الجنود والمدنيين على حد سواء تفتقر إلى أي معاني الرحمة أو الإنسانية.
في يوم بارد، قبل إرسال فرقة من الجيش الشعبي إلى الجبهة، قام طه بزيارة إلى قاطع في النهروان ليلقي خطابًا يفترض أن يحفز المقاتلين. بعد خطابه الذي كان يعج بالوعود الزائفة والتحفيز المفتقد للصدق، فتح المجال للمقاتلين ليعبروا عن طلباتهم، التي كانت تنم عن النقص الشديد في التجهيزات والمعدات والإمدادات الأساسية.
طاهر، بدلاً من أن يستجيب لهذه الطلبات بتفهم أو يحاول إيجاد حلول لها، رد ببرود وقسوة، مؤكدًا أنهم جاءوا متطوعين وكان يجب عليهم أن يتحملوا عواقب قراراتهم. وفي لحظة تظاهر فيها بأنه سيقدم مثالًا إيجابيًا، دعا أحد المقاتلين الذين بدوا محملين بأغراض شخصية، واستخدمه كوسيلة للسخرية والاستهزاء أمام الجميع، معززًا بذلك جوًا من الخوف والترهيب.
المقاتل، الذي وجد نفسه محورًا لهذا الموقف المهين، كان قد جُلب إلى الجيش الشعبي قسرًا، وكشف أنه كان في طريقه لشراء الألعاب لأطفاله قبل أن يتم اختطافه. هذا الاعتراف لم يلين قلب طاهر أو يثير فيه أي إحساس بالمسؤولية تجاه رجاله، بل كان مثالًا آخر على سوء استغلال السلطة والقسوة التي كانت تميز حكم البعث.
طاهر الجزراوي، في هذه الحكاية، لم يكن سوى نموذج للعديد من الشخصيات الإجرامية التي سادت خلال تلك الفترة السوداء من التاريخ العراقي، حيث كان الظلم والاضطهاد والتعسف يوميات يعيشها الشعب العراقي. قصته تجسد الوجه القبيح للحرب والسلطة المطلقة، وتذكرة مؤلمة بالثمن الباهظ الذي دفعه العراقيون تحت نير حكم البعث الصدامي.