وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ الله..
كوثر العزاوي ||
تميّز شهر شعبان المعظم بولادة رجالٍ آياتٍ من صلب العصمة الطاهرة، حيث كانوا من جوهر التأريخ عظمائه، ومن أصول الإسلام أبطاله، من سلالة سيّد المرسلين “صلى الله عليه وآله”حيث الأصلاب الشامخة والارحام المطهرة، لم تنجسها الجاهلية بانجاسها ولم تلبسها من مُدلَهمّات ثيابها، وقد دوّن التاريخ على صفحات الوجود في هذا الشهر وفي الثالث من أيامه ذكرى مولد أبي الأحرار، فكانت الإطلالة النورانية لمعاني العشق والفناء في ذات الله “عزوجل” حيث أخذ على عاتقه إقرار تصحيح مسار اعوجاج الدين وأصلاح مافسد من أمة جده صلى الله عليه وآله،
ثم تلت ذكرى الحسين”عليه السلام” ذكرى ولادة القمر الهاشميّ الوضّاء بهيئة رجلٍ اسمه “العباس بن عليّ” ومَن عُرف بالإيثار، وتميّز بالشجاعة واشتهر بذوبانه في ذات إمام زمانه، فكان العضد والساعد لأخيه وحادي ركب الفضيلة لأميرة الهاشميات اخته زينب، فللّه درّ أبي الفضل رمز الفداء ومنتهى التضحيات، وتوالت المواليد ليكون الخامس من شعبان إيقاد شمعة الذكرى لولادة النور الرابع للعترة المطهرة، إذ لايقلّ شأنًا وعظمة، وقد عُرف بالعبادة وجمال الإمامة، كان دأبه التهجّد والتضرع في ظلم الليالي حتى تميّز بذي الثفناتِ، وهي سيماء تضيء جبينه المقدّس، وروح متعلّقة بالمحلّ الأعلى، إنه سيّد الساجدين وزين العابدين عليّ بن الحسين “عليهما السلام” وها قد حلّ يوم الحادي عشر ليُضاء بيت الحسين بنور شبله الأزهر شبيه المصطفى صلى الله عليه وآله “عليّ الأكبر” وكأنّ يد الغيب قرَنت مولده بشهر أبيه الحسين “عليه السلام” ليكون جنديا بين يديه لتشهد الدنيا كيف تميزت بصمته بالإخلاص والطاعة والفناء وهو يتقدّم أباه فداءًا على رمضاء كربلاء حيث خبرَ الحق فصار الموت نشيده وأحلى من الشهد على لسانه، شبلٌ محمديّ علويّ حسينيّ كما تليق به الأوصاف! تالله ياشعبان
ماأبهاك حيث تشعّبت انوارك ليكون خامسها انبثاق نور المهديّ الذي أضاء مولده الملك والملكوت وسعِدت به الملائك والثقلين، وُلِد الأمل الذي به تتحقق احلام الأنبياء وآمال المستضعفين، إنه نور الله الذي ادّخره لنصرة المظلومين المستضعفين من آل محمد وأتباعهم والله يأبى إلّا أن يتمّ هذا النور على يديه ولو كره الكافرون الظالمون!!، خمسة عشر يومًا خلت من شعبان هي أيام الله، أيّام تحمل معاني الكمال وتنبئُ عن آيات وأسرار، وتحمل بين ثناياها بشائر الانتصار بعد عسر وانتظار، يوم يأذن الله لأمره بالظهور، لتشهد مشارق الارض ومغاربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها، يوم ظهور الحقّ ساطعًا ونداءاتٌ عند البيت الحرام صادحة هادرة تُسمَع في أرجاء المعمورة بعد غيبة طويلة يُبتلى بها الناس وتبلى بها السرائر{ ألا ياأهل العالم أنا الإمام القائم، ألا يا أهل العالم أنا الصمصام المنتقم، ألا يا أهل العالم إن جدي الحسين قتلوه عطشانا،
طرحوه عريانا، سحقوه عدوانا،!!
وما إحياءُ هذه الذكريات والمواسم إلّا تذكير بأيّام الله سبحانه وتعالى،
وتعظيم ونصرة لآل محمد “عليهم السلام” سيما خاتمهم بقية الله في الأرض ليعرف الناس فضائلهم، وحاجتهم للإغتراف من ينابيع حكمتهم، واستنزال الرحمة من مقاماتهم فهم أبواب الله التي منها يؤتى،{قُل بِفَضلِ اللهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَليَفرَحُوا} يونس ٥٨
“اللهم لاتجعلنا من خصماءِ آل محمد “عليهم السلام”.
ليلة الخامس عشر من شعبان المعظّم-١٤٤٥هج
٢٥-شباط-٢٠٢٤م