الاثنين - 20 يناير 2025
منذ 11 شهر
الاثنين - 20 يناير 2025

د.عامر الطائي ||

حكايات لم تزل تنبض بالحياة، تروي عظمة تضحيات جُسدت في سجلات التاريخ الجهادي، وبطولات لا يمكن أن تُنسى. “كلاهما يكمل الآخر”، عبارة تُلخص مسيرة شعب بأكمله، ما بين صفحات مضيئة ببطولات الشهداء ودروب مليئة بتحديات الحاضر وأحلام المستقبل. يُشكل الجهاد والشهادة في سبيل الوطن عنواناً للفخر والعزة، لكنه لا يُقلل من قيمة الجهود الرامية لإحلال السلام والمصالحة الوطنية.

التاريخ الجهادي، بما يحمله من ذكريات النضال والتضحية، لا يُمكن أن يُنسى أو يُهمل. شهداء الفتوى، وأولئك الذين جاؤوا من بيوت الصفيح والعشوائيات، قدموا أرواحهم قرابين للحرية والكرامة. إنهم يُجسدون الصورة الأكثر صدقًا ونقاءً للوطنية الحقة، حيث لم يترددوا لحظة في الدفاع عن تراب الوطن وحماية مستقبله.

مع ذلك، يبرز التساؤل حول إمكانية طي صفحة الماضي والتوجه نحو مستقبل يُسوده التفاهم والوئام. هل يُمكننا البناء على تضحيات الأمس لنؤسس لمصالحة وطنية شاملة تضم الجميع، بمن فيهم أولئك الذين غادروا وطنهم تحت وطأة الظروف؟

المصالحة الوطنية لا تعني إغفال التاريخ أو نسيان التضحيات، بل تعني البناء على هذه التضحيات لتحقيق وطن يسع الجميع، وطن يتسع للحلم والأمل والعمل المشترك نحو مستقبل أفضل. يُمكن للمصالحة أن تكون الخطوة الأولى نحو تحقيق العدالة والسلام، بشرط أن تكون مصحوبة بالعدل والإنصاف والاعتراف بالحقوق والتضحيات.

في حالة أشخاص مثل طارق الهاشمي وعلي حاتم السليمان، يُمكن أن تُثير عودتهم العديد من الأسئلة المعقدة حول العدالة والمسؤولية والمغفرة. هل يُمكن تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة تُمهد الطريق للمصالحة، أم أن هناك حدودًا لما يُمكن مسامحته ونسيانه؟ شريطة ان لا يضيع دم الشهداء وتقديم المتورطين للمحاكمه كطارق الهاشمي مثالا ؟
الإجابة على هذه التساؤلات ليست سهلة، وتتطلب حوارًا وطنيًا شاملاً يُشارك فيه الجميع. يجب أن يكون هذا الحوار مبنيًا على الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في تحقيق السلام والاستقرار. إن تحقيق مصالحة وطنية يتطلب الشجاعة لمواجهة الماضي بتقديم المجرمين للعداله ، والحكمة للنظر إلى المستقبل، والعزيمة للعمل معًا من أجل بناء وطن يسوده العدل والمساواة.، كلاهما – التاريخ الجهادي والمصالحة الوطنية شرط ان ياخذ اصحاب الحقوق حقوقهم – يكمل الآخر. لا يُمكن لأحدهما أن يُقدم الكثير بمعزل عن الآخر. التحدي الحقيقي يكمن في كيفية الجمع بينهما لصياغة مستقبل يُعبر عن تطلعات وأحلام جميع أبناء الوطن، مستقبل يُعيد الاعتبار للتضحيات ويفتح آفاقًا جديدة للسلام والعدل