اسميرة وأخواتها..زيارة الى الاهوار..!
علي عنبر السعدي ||
” اسمع يا چبير الشلب – يا ابن الهور يا حچام ”
واحدة من القصائد التي رسخت في أذهاننا ،حينما كنّا في أعمار نحلم فيه بتغيير العالم ،وتجتاحنا الجيفاروية في تصديها للظلم ، ومثالنا كان حچام البريس ، الثائر الذي احتضنته الأهوار .
كانت الأهوار – قبل أن يضربها الجفاف – من أكثر مشاهد الطبيعة سحراً وغموضاً ،عالم مدهش مليء بالأسرار والحكايات ،الممتدة عبر أزمنة موغلة في القدم .
هنا عاش أول جبّار ملحمي في التاريخ (جلجامش ) وقد اقتبس اسمه من الجاموس (كال كَاموش) رأس الجاموس ،الذي كان رمزاً للحضارة العراقية .
وهنا بنى سيوسيدرا (اوتونبيشتم ) سفينته التي انقذت الحياة من الطوفان ،وقد خاطبه الاله : “يابيت القصب يابيت القصب ، اسمع يابيت القصب وافهم يارجل شروباك ” .
تنبثق الحكايات بدءاً من سومر ، ومرور بكل أساطير الجمال والخلق ، لذا لاغرابة ان تتعلق روحي بالهور، وأواضب على زيارته كلما أتيحت لي زيارة المدن الجنوبية .
لا هور دون قصيدة ، ودون جاموس
،فالجاموس روح الأهوار وواحدة من أسرارها الكبرى ،ذلك الكائن الوفي والقوي الذي يهب الخير بما فيها وسائل العيش ، لايخذل صاحبه ولايتوه عن بيته ،والأغرب مهارته في السباحة رغم ضخامة حجمه .
قطيع من الجواميس يتجه نحونا ، ونحن نقف على جرف وسط الهور، ولتجسيد الذكرى ،حاولت التقاط صورة مع القطيع ،لكنه نفر مبتعداً ،فاضطررنا لالتقاط الصورة من بعيد لتلك الحيوانات المباركة .
كانت اسميرة واخواتها قد سخرن منا ،لأنها لم تألف وجودنا ،لكننا حاولنا الاقتراب أكثر وهي تسبح ،اسميرة أكثر من نصفها أبيض ،والغرابة ان عيونها ملونة ، تنظر الينا بمزيج من الاستغراب والحذر ، لكنها نظرة كائن أليف ،طالما رافق الانسان في مائه وهوائه وقصبه ، ونباتات البردي