الأقليم السني في العراق ولد ميتاً..!
بهاء الخزعلي||
رغم معرفتنا لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي قدمه الكاتب الأميركي البريطاني برنارد لويس والذي يسعى لتقسيم دول المنطقة إلى دويلات صغيرة الا أن الأقرب للتنفيذ في الوقت الحالي هو مخطط مشروع الجنرال الأميركي رالف بيترز الذي كتب مقال بعنوان “حدود الدم” عام ٢٠٠٦ في المجلة العسكرية “آرمدفورسز جورنال”.
ورغم كل المبررات التي قدمها بيترز في مقاله الا أنه ذكر شيء غاية بالغرابة حيث قال أن هذا التقسيم لن يحدث إلا بسفك دماء آلاف من أبناء المنطقة، وكما لاحظنا سابقاً أن كل الكوارث التي حصلت في المنطقة هي عبارة عن تداعيات لحروب طائفية أو عرقية أو إثنية.
أما لماذا هذا المشروع هو الأكثر تطابقاً مع ما يحصل الأن في العراق فالحقيقة لأن مشروع رالف بيترز يقسم العراق الى ثلاث دويلات دولة كردية في شمال العراق ودولة سنية ترتبط بسوريا اي ( داعش ، الدولة الإسلامية للعراق والشام) ودولة شيعية مناهضة ومعادية لسياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتقع جنوب العراق ويتم دعمها وتمويلها من السعودية، ورغم أن بيترز لم يذكر بمشروعه جهات التمويل لكن يكفي أنه حدد تنازل السعودية عن بعض الأراضي لتلك الدولة الشيعية. ومن هذا المنطلق تم تقسيم العراق الى ثلاث مكونات (شيعة وسنة وكرد) رغم أن الشيعة والسنة مذاهب والكرد قومية.
وعلى الرغم من اقتناع البعض من ساسة السنة بأنه الأقليم السني قد ينجح اذا ما تم ربطه بسوريا أو الاردن بخط سكك مع دول الخليج لتحقيق أزدهار اقتصادي لكن معوقات الأقليم السني ستجعله يولد ميتاً.
أهم معوقات الأقليم السني…
• المنفذ البحري: أهم ما يمكن أن يفكر به أي أقليم قبل الانفصال وجود المنفذ البحري والا سيتسبب بضعف أقتصادي بسبب كلفة النقل البري والجوي.
• الصراع داخل المكون السني: من الطبيعي أن نشير إلى ذلك الصراع الذي يقسم المكون إلى قسم مؤيد للبعث حيث يرغب باستعادة مصالحه التي فقدها مع زوال حكم البعث لذلك يحاول ربط مصالحه بدول الخليج ليحظى بدعم منهم، والقسم الذي يرى أن ارتباطه بتركيا قائم على عقيدة إسلامية تسعى إلى استعادة امجاد الإمبراطورية العثمانية السنية ضد الوجود الفارسي كما يدعون وهذا القسم يحظى بمكانه جيدة لا يود أن يخسرها ويفسح المجال لأرباب البعث للعودة من جديد، وقسم أخر تعرض للكثير من الويلات بسبب الدمار الذي خلفته عصابات داعش وقبلها القاعدة فيجد أن مصلحته بمن وقف معه في أزماته وهذا القسم يبحث عن شراكة حقيقية مع أخوانه في الوطن تحول دون إقامة ذلك الأقليم السني.
• فشل مشروع داعش وربط الأنبار بسوريا تحت مسمى (دولة العراق والشام اللا إسلامية) و انعكاس روح النصر والأخوة على جميع الشباب المشارك بذلك النصر من جميع المكونات والطوائف.
• فشل استفتاء البارزاني عام ٢٠١٧ بإقامة أقليم كردي رغم توفر مقومات أفضل من مقومات الأقليم السني ألقى بظلاله على مشروع الأقليم السني وجعل البعض متخوفاً من ذلك المشروع.
• الصراع التركي الأميركي: بكل تأكيد أن إقامة أقليم سني في غرب العراق قد يحكمه يوماً من الأيام أحد حلفاء تركيا وبتراجع المكانة الأمريكية في المنطقة قد تقبض الكماشة السنية على منطقة كردستان من الجهتين ويتم أبتلاعه بالكامل لصالح مشروع عودة الإمبراطورية العثمانية وقد تعتبر تلك نقطة أنطلاق تركيا لأبتلاع مناطق قسد في سوريا، لذلك عندما أعلن مسعود بارزاني عن الاستفتاء أعترض الاميركان لكن ليس على إقامة الأقليم بل على التوقيت.
• الاجرائات الحكومية الحالية: حيث حققت الحكومة الحالية حالة من التفائل والرضا لدى المواطن العراقي بشكل عام شيعة وسنة وكرد.
*ختاماً: قد ولد ذلك الأقليم السني ميتاً ولا يمكن إقامته الا بطريقة واحدة وهي أن يخرج شباب شيعي يطالب بإقليم شيعي، وعلى الرغم من المشاريع الأميركية التي اقتضت بتجويع المحافظات الشيعية لخلق روح الملل والارهاق على أبناء تلك المحافظات ليسهل التلاعب بهم ودفعهم بإتجاه المطالبة إقليم و الإستفادة من موارده الا أن ذلك لم يتحقق و لم يطالب شباب المحافظات الجنوبية الشيعية بإقامة إقليم شيعي، وننصح شبابنا الشيعي وخصوصاً محافظة البصرة محافظة الخيرات أن لا يقع أبنائها بالفخ ويطالبون بإقليم يسهل من عملية تقسيم العراق الى ثلاث دويلات وهنا سيكون المنطلق الحقيقي لتقسيم دول المنطقة بالكامل إلى دويلات عرقية وإثنية وقومية.