الأنسانية تنعى أباها الثاني..!
زمزم العمران||
قال تعالى في كتابه الكريم : {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}
رُوِيَ عَنْهُ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «أَنَا وَ عَلِيٌّ أَبَوَا هَذِهِ اَلْأُمَّةِ».
28 من صفر غاب الاب الاول للأنسانية النبي محمد (صل الله عليه وآله وسلم) ،وقد وصفه ابو طالب بهذه الأبيات الشعرية ليس لأنه يتيم بل لأنه يحمل في طياته كل الإنسانية فقال :
وأبيض يستسقى الغـمام بوجهـه
ثـمال اليتـامى عصـمـة لـلأرامـل
فكان نعم الاب لما يحمله من حنان وإنسانية على الأيتام وكان يحفظ كرامة الأرامل من الذل والمهانة ويحرص إن لايصيبهن أذى أو حرج .
كذلك الامام (علي عليه السلام) ، كان له الدور المثالي والحكومة المثالية التي كان فيها ابا وسندا للمستضعفين ، فهناك قصة الإمام (عليه السلام) مع النصراني المكفوف مما يؤيد عدالته ، حيث كان الإمام (عليه السلام) في شوارع الكوفة فمر بشخص يتكفف وهو شيخ كبير السن، فوقف (عليه السلام) متعجباً وقال (عليه الصلاة والسلام): ما هذا؟ ولم يقل من هذا، و(ما) لما لا يعقل، و(من) لمن يعقل، أي انه (عليه السلام) رأى شيئاً عجيباً يستحق أن يتعجب منه، فقال أي شيء هذا؟
قالوا: يا أمير المؤمنين إنه نصراني قد كبر وعجز ويتكفّف.
فقال الإمام (عليه السلام): ما أنصفتموه.. استعملتموه حتى إذا كبر وعجز تركتموه، اجروا له من بيت المال راتباً.
لم يُشرِّع الإسلام سبي النساء إبتداءاً وإنما كان السبي معهوداً قبل مجيء الإسلام ، فلما جاء الإسلام قيَّد السبي وأمر بمعاملتهن بالرفق والحُسنى واللين فمن شأن ذلك أن يُرغِّبْهُن في الدخول إلى الدين فيصبحن مسلمات وينهلن من العلم ، كما من شأنه أن يَجُرَّ عليهن منافع دنيوية كثيرة كالمال والجاه ، وقد تنال بعضهن الشرف ،فحين فتح المسلمون بلاد فارس جيء ببنات كسرى الفُرس ‘‘يزدجرد’’ إلى المدينة ، وكُنَّ ذواتَ حُسنٍ وجمال ، إستشار عمر بن الخطاب الإمام علي في أمرهن وعن إمكانية بيعهن فشار عليه الإمام علي بأن رسول الله نهى عن بيع اللاتي كُنَّ عزيزاتٍ في قومهن ، وقال الإمام علي(هؤلاء قومٌ قد ألقوا إليكم السِلم ورغبوا في الإسلام ولابدّ أن يكون لي فيهم ذرية وأنا أُشهد الله وأُشهدكم أني قد أعتقت نصيبي منهم لوجه الله) ثم قال بنو هاشم لعلي (قد وهبنا حقنا لك )وقال المهاجرون والأنصار (قد وهبنا حقنا لك) ،فقال علي (اللهم إشهد أنهم قد وهبوا لي حقهم وقبلته وأُشهدك أني قد أعتقتهم لوجهك) .
قضى الإمام علي (عليه السلام ) ،في الأميرات الثلاث أن تنتخب كل واحدة منهن رجلاً من المسلمين فتتزوج منه ،فأختارت الأميرة ‘‘شهربانو’’ الحسين بن علي زوجاً لها ،وأنجبت الأمام زين العابدين السجَّاد قنديل عصره في المدينة علماً ،وتزوجت الأميرة ‘‘كيهان بانو’’ محمد بن أبي بكر الصديق وكان صاحب الإمام علي وأقرب المقرَّبين إليه فأنجبت القاسم بن محمد بن أبي بكر من فقهاء المدينة وأنوارها ، أما الأميرة الصغرى “شاهيناز بانو ” تزوجت من عبدالله بن عمر وانجبت سالم بن عبدالله بن عمر .
في ليلة من الليالي ، علي بن ابي طالب يتفقد وجوه الناس في سكك الكوفة ، فسمع امرأة تقول لأولادها الان ينضج الطعام في القدر ، فتصبروا بقراءة سورة الفاتحة ، وسمعها الامام وهي تذم الدهر والفقر وكيف اخذ زوجها منها شهيداً في حرب صفين ، فأقترب منها الامام علي (عليه السلام) فسألها عن حالها فأجابته :ليس لدي طعام وأطفالي يتضورون جوعاً ، فبكى الامام علي (عليه السلام) حتى أخضلت لحيته فقال لها :أين علي بن ابي طالب عنكم ، ويل لعلي من رب علي ،أين اذهب بوجهي من رب العالمين يوم القيامة ، وذهب وأتى لهم بالسمن والطحين ، وقال : ياأم العيال خذي الطعام وانضجيه بقدرك وانا اصبر العيال وصار يلاعب الأيتام حتى أكملت الطعام .
وهكذا كانت حكومة أمير المؤمنين عليّ (عليه الصلاة والسلام) حيث طبق منهاج الإسلام الصحيح الذي أنزله الله تعالى إلى الأرض، لأجل راحة العباد وعمران البلاد.
فترى في هذا الحكم النموذجي أشياء لعلّ البشر يستغربها في عصرنا الحاضر، ومن هنا يعلم السر في قول سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام): (وطاعتنا نظاماً للملة ) .