الخميس - 06 فيراير 2025

مقارنة بين الدولة الاستبدادية المتخلفة والدولة الديمقراطية المتقدمة..َ!

الخميس - 06 فيراير 2025

محمد عبد الجبار الشبوط ||

كتبت قبل ايام: “كم اتمنى لو ان السيد محمد باقر الصدر قسّم الدول الى نوعين: متخلفة استبدادية و متقدمة ديمقراطية بدل تقسيمها الى اسلامية وغير اسلامية.”
لكن الصديق عارف العنزي علق بما يلي:
“أقرنتم بهذا استاذنا الاستبداد بالتخلف و الديمقراطية بالتقدم و قد يكون اقرب للقصد طبعاً، و للاسف واقع الحال لا يؤيد رأيكم، حيث ان بعض الانظمة المستبدة ( و اكرر للاسف) و لاسباب عديدة، لديها بعض النجاحات، كدول الخليج مثلاً و ان بعض الديمقراطيات ايضا لا تصحب التقدم بالضرورة.”
وطبعا لم يكن هذا قصدي، وانما قصدت ان تكون الدولة الديمقراطية المتقدمة هدفا يطرحه السيد الصدر، في مقابل الدولة المستبدة المتخلفة، بدون افتراض ملازمة مفهومية بين الديمقراطية والتقدم، حتى وان صحت، وليس هذا موضوعنا، وانما ملازمة على مستوى الهدف. فاذا افترضنا ان هناك ثلاث حالات ممكنة هي: دولة ديمقراطية متخلفة واخرى استبدادية متقدمة، وثالثة ديمقراطية متقدمة، فان الاخيرة هي الهدف الذي كنت اتمنى ان يكتب عنه الصدر كمثال، وبقية الكتاب من بعده لان ما نحن بحاجة اليه بعد مرور ١٠٠ سنة على ولادة الدولة العراقية بصيغها الاربعة: الملكية، الجمهورية العسكرية، الدكتاتورية البعثية، المحاصصة الحزبية، هو الدولة الديمقراطية المتقدمة التي اطلقت عليها عنوان الدولة الحضارية الحديثة.
فيما يلي مقارنة سريعة بين الدولة المستبدة المختلفة والدولة الديمقراطية المتقدمة.
*من الناحية السياسية:*
– *الدولة الاستبدادية المتخلفة:* في الدول الاستبدادية، يكون الحكم مركزيًا بيد فرد أو مجموعة صغيرة لا تعبر بالضرورة عن إرادة الشعب. غالبًا ما تعاني هذه الدول من قمع الحريات، وغياب الشفافية، وضعف المشاركة السياسية للمواطنين. يكون هناك قصور في النظام القضائي وفي استقلالية المؤسسات. وهذا ما عانى منه الشعب العراقي طيلة ٣٥ عاما.
– *الدولة الديمقراطية المتقدمة:* تتميز بنظام حكم يستند إلى مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون، حيث يكون للمواطنين دور فاعل في اختيار حكامهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة. تعزز هذه الدول حماية الحريات الفردية والجماعية، وتضمن استقلال القضاء وتكافؤ الفرص في المشاركة السياسية. وهذا ما لم يتحقق في عهد دولة المحاصصة الحزبية، العرقية الطائفية، بعد مرور ٢٠ عاما من سقوط الطاغية.
*من الناحية الاقتصادية:*
– *الدولة الاستبدادية المتخلفة:* تشهد اقتصاداتها غالبًا مستويات عالية من المركزية في اتخاذ القرارات الاقتصادية، وضعف في البنية التحتية، ومعدلات عالية من الفساد وسوء استغلال الموارد. قد يفضي هذا إلى تفاوتات اجتماعية واقتصادية شاسعة. وعراقيا مازلنا نعاني من سلبيات الاقتصاد الريعي وتدني انتاجية المجتمع.
– *الدولة الديمقراطية المتقدمة:* ترتكز على اقتصاديات السوق الحرة مع دور تنظيمي للدولة يهدف إلى ضمان العدالة الاجتماعية. تتمتع ببنية تحتية متطورة، نظام قضائي فعّال لحماية الحقوق الملكية، وآليات لمكافحة الفساد. تعمل هذه الدول بشكل استباقي على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.
*من الناحية الاجتماعية:*
– *الدولة الاستبدادية المتخلفة:* تعاني من تدني مستويات التعليم والرعاية الصحية، وضعف في الخدمات الاجتماعية الأساسية. غالبًا ما يكون هناك تفاوت كبير بين طبقات المجتمع وغياب للتماسك الاجتماعي.
– *الدولة الديمقراطية المتقدمة:* تولي اهتمامًا كبيرًا لتقديم خدمات الرعاية الصحية، والتعليم الجيد، والضمان الاجتماعي لكل المواطنين. تسعى إلى تحقيق المساواة والحد من الفجوات الاجتماعية، وتعزيز التماسك والاندماج الاجتماعي.
*خلاصة:*
يمكن ملاحظة أن الفروقات بين الدولة الاستبدادية المتخلفة والدولة الديمقراطية المتقدمة تمس جميع جوانب الحياة، من النظام السياسي والاقتصادي، إلى البنية الاجتماعية والثقافية. الديمقراطية والتقدم ليستا فقط قضية اقتصادية أو سياسية، بل هي تعبير عن نمط حياة شامل يسعى إلى تحقيق الكرامة والعدالة لكل فرد.