الثلاثاء - 18 مارس 2025
الثلاثاء - 18 مارس 2025

عامر جاسم العيداني ||

 

ان التغيير الذي حصل في العراق على يد الاحتلال الأميركي جلب لنا قوى سياسية مهووسة بالسلطة لغايات نفعية وتحقيق طموحات حزبية وشخصية وابتلاع كل شيء أمامها ولا تكترث لحاجات الشعب المختلفة وأسقطت كل الحسابات التي كان يطمح العراقيون إلى تحقيقها، تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي وخدمات البنى التحتية .
إن الواقع السياسي سوف يستمر على وتيرة التوافق ولن تخلق أي معارضة حقيقية في ظل تقاسم السلطة حسب حجم كل كتلة سياسية تفوز في الانتخابات النيابية.
ولم تستطع كل التشكيلات الجديدة التي أسسها كل السياسيين الذين تسلموا زمام السلطة من احداث تغيير بسبب عدم وجود فكر سياسي واضح ولا برامج اقتصادية واجتماعية تحدث تغييرا جوهريا ، ومثال ذلك ابراهيم الجعفري الذي استغل تسنمه رئاسة مجلس الوزراء وعند نهاية ولايته أنهى ارتباطه من حزب الدعوة وأسس تيار الإصلاح الوطني ولم يستمر لفترة طويلة حتى انحسر وانتهى، اما نوري المالكي أمين حزب الدعوة الإسلامية والذي استلم رئاسة مجلس الوزراء لدورتين استطاع تأسيس كتلة دولة القانون بقيادة حزب الدعوة ولم تبتعد عنه فاستمرت وحافظت على نفسها وما زالت قوية ومؤثرة في الساحة السياسية وتشكيل الحكومة رغم انخفاض حجمه الانتخابي ، وجاء بعده الدكتور حيدر العبادي فعل مثل رفيق جهاده الجعفري وفك ارتباطه من حزب الدعوة بمجرد انتهاء دورته الرئاسية وشكل إئتلاف النصر وتحالف مع كتلة الفتح تحت مظلة دولة القانون ودخول الانتخابات عام ٢٠١٨ ، وان هذا الائتلاف لم يكن له دورٌ سياسيٌ مهمٌّ رغم تحالفه فيما بعد مع تيار الحكمة تحت تكتل ” القوى الوطنية لائتلاف الدولة” ودخوله الانتخابات في عام ٢٠٢١ولم يحقق سوى أربعة مقاعد، وعانى فشلا ذريعا لأنه لم يحدث تغييراً مهماً على مستوى التنظيم والخطاب السياسي والبرامج التي تكررت كل انتخابات بالإضافة الى الشخصيات  المشاركة في الانتخابات التي ليس لديها مقبولية شعبية .
والآن هناك حالة جديدة قد تتكرر بنفس الصيغ السابقة، يتحدث عنها الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، وبدأ بعض السياسيين  تأييدها وآخرون يحذرونها .. والتي من المتوقع ان يقودها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ، ومن هنا ننصح السوداني ان تكون مشاركته الانتخابية ليس بهدف السلطة لأنه لن يستطيع ان يحصل على الأغلبية حتى لو تحالف مع القوى الجديدة التي فازت في انتخابات مجالس المحافظات التي تؤهله بالعودة لرئاسة مجلس الوزراء.. والدخول في صراع مع القوى التقليدية التي تسيطر على مراكز القوى ، وهم قد حذروه من ذلك.. وننصحه بعدم المشاركة بالحكومة من خلال المحاصصة وانما القيام بخلق معارضة حقيقية تشكل تغييرا حقيقياً في الواقع السياسي سيكون بالتأكيد مؤثرا لمراقبة عمل الحكومة وبيان وجهة نظره حول تعديل مساراتها في حال خرجت عن برامجها المعلنة وتطبيقاتها على أرض الواقع .. وهذا سيشكل مرحلة سياسية جديدة تتهيأ فيها كتلته للمشاركة بشكل واسع في الانتخابات التي تلي الدورة القادمة .
وننصح أيضاً كل القوى السياسية الفاعلة الأخرى أن تشترك في تأسيس المعارضة السياسية الايجابية من اجل تقييم عمل الحكومة وتصحيح مساراتها، خصوصا التي تدعي الإصلاح والقضاء على الفساد، ويعتبر هذا هو الطريق الصحيح والعمل بجد على إصدار قانون الأحزاب الذي يحد من كثرتها من اجل استقرار النظام السياسي وعدم تشتيت الرأي العام من اجل خوض انتخابات حقيقية واضحة المعالم بالنسبة للشعب .