أبعاد وتداعيات الرد الإيراني ضد الكيان المحتل..!
🔷 علي الازيرجاوي ||
قال الله تعالى في كتابه الحكيم ﴿إِنّا كَفَيناكَ المُستَهزِئينَ﴾ [الحجر: ٩٥].
المستهزئون عادة هدفهم التشويش على الحركات الإصلاحيّة ومحاولة عرقلتها عن أداء رسالتها ودورها في الأمة، وهو نابع من خبث السريرة والركون إلى الباطل؛ فالتوقف عند كل ما يقولون ويدعون مضيعة للوقت وحرف المجهود الرسالي عن مساره؛ في الآية الكريمة يتكفل الله تعالى بكفاية النبي ” صلى الله عليه وآله وسلم ” عن المستهزئين بنبوته، ليستمر في دعوته للإسلام، وكذلك يكفي الله تعالى جميع القادة الربانيين من المستهزئين بمشاريعهم على طول خط التاريخ.
ما رافق الرد الإيراني من صيحات هنا وهناك تدخل في باب الحرب المضادة، والاستهزاء من أدواتها لتوهين المقابل؛ وبعيداً عن لاستهزاء الممنهج من الانهزاميين المؤدلجين؛ وبغض النظر عن نوعية الضربة او الرد الإيراني على التجاوزات الصهيونية فهي ضربة قوية وشجاعة وحققت أهدافها بنجاح، بأن تقوم دولة بدك الكيان الغاصب مباشرةً من داخل أراضيها رداً على الخطأ الذي ارتكبه الكيان بقصف مبنى القنصلية في دمشق، وهذا الرد يمثل عملاً خطيراً ممكن أن يجّر المنطقة إلى حرب كبيرة كما وصفه أغلب قادة الدول، إلا أن التصرف الإيراني كان محسوباً بدقة ومخطط له بذكاء عالٍ حينما أُعلن عن نوع العملية وتوقيتاتها ومحدوديتها، وأنها ضربة مقابل ضربة، وفي الوقت ذاته حذرت الشريك الأساسي للكيان من التدخل بأنه ستتعرض مصالحه في المنطقة للضرب ايضاً، وفعلاً اإتزم الأمريكان واعتمدوا في إشراك دول مثل فرنسا وبريطانيا والأردن بالتدخل لاعتراض الصواريخ داخل الحدود الأردنية.
بعد انتهاء الضربة بنجاح اصبحت الكرة الآن في مرمى الكيان وأمريكا، فهل يردون الضربة بضربة داخل الأراضي الإيرانية؟ أم يكتفون بملاحقة شخصيات المستشارين داخل سوريا ولبنان؟
هنا محل النظر، فالجبهات جميعها مهيئة للحرب وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة بأن ( الشرق الأوسط على حافة الهاوية).
لكن هل التصعيد في صالح أمريكا والكيان؟
الجواب كلا..
بل ستكون امريكا هي المتضرر الرئيسي في حال اندلاع حرب ليست هي الممهدة لها والشواهد كثيرة على ذلك فهي لا تدخل حرباً مع دولة تمتلك أسباب القوة، بل تشن حروبها على الدول بعد إضعافها كما حصل في حربي أفغانستان والعراق.
امريكا أبلغت الكيان ونصحته بعدم الرد، على لسان رئيسها بايدن.
ولكن حكومة الكيان أعلنت في اليوم التالي أنها سترد..!
وفي المقابل ايران أصدرت فرماناً بالإيعاز إلى الجيش والحرس لزيادة الغلة من الصواريخ ويكون الرد فورياً دون تمهيد بمجرد أن يرد الكيان او الأمريكان على هذه الضربة، ما يعني أن إيران أعلنت من الان عن موعد الضربة الثانية وذلك بمجرد ان يقدم العدو على حماقة سيكون الرد قوياً وعلى الفور.
والرد يتبعه رد مقابل، وهكذا تشتعل الحرب لا سمح الله، وتتدخل باقي الفصائل وربما تتسع دائرتها لتشمل القواعد العسكرية في الخليج المرفهة والحاضنة لاستثمارات العالم.
إن الكيان الغاصب الذي تورط منذ اشهر في حرب مع فصائل المقاومة داخل غزة لهو عاجز عن إدارة حرب على مستوى المنطقة بعد الهزائم العديدة التي مني بها على أيدي المجاهدين الذين تغيرت المعادلة بعد دخولهم على خط المواجهة وهو يعي ذلك جيداً؛ ولايدخل الكيان في معركة بهذا الحجم دون تحالف دولي، والدليل مساهمة التحالف الدولي الثلاثي في منطقة الصد في سماء الأردن؛ وفيما لو دخل العراق على خط المواجهة عن طريق بعض الفصائل هل ستتحول سماءه إلى ساحة لطائرات التحالف لصد المسيرات والصواريخ الإيرانية قبل وصولها اجواء الأردن لزيادة مساحة التصدي؟
وهل ستكون الحرب مفتوحة وتستخدم فيها الأسلحة الاستراتيجية الأمريكية أم انها تبقى مناوشات تكتيكية ضربةً بضربة؟
وتدخل ضمن حالة الاستنزاف والدقة في التصويب الذي سيكون حاسماً للمعركة لصالح طرف على حساب الطرف الآخر.
هنا يبرز الفارق في الموقف الجغرافي فالكيان منطقة محدودة ومحاطة بقوات من التحالف الدولي ومنظومة القبة الحديدية، بينما الجغرافية العسكرية الإيرانية ممتدة إلى مساحة النفوذ في سوريا ولبنان بوجود المستشارين العسكريين، ومساحتها المترامية الأطراف التي تحتاج إلى مراقبة ثلاثة آلاف كيلومتر من الحدود الغربية تقريباً، من المثلث العراقي التركي إلى الحدود الباكستانية قبالة خليج عمان وبحر العرب.
وما هو الموقف الروسي؟ هل يبقى متفرجاً أم يتدخل بتزويد إيران بطائرات حديثة وأنظمة دفاع جوي متطورة.
وماهي نتائج المناورات العسكرية المشتركة الإيرانية، الروسية والصينية هل تتدخل للمساعدة ويتحول الصراع إلى حرب عالمية أم سيكتفون بالتفرج فقط ويعتمدون على استخدام الفيتو ضد أي قرار تقدمه واشنطن ضد الجمهورية الإسلامية؟
كل هذه الاسألة تحتاج إلى عمل ميداني حقيقي على الأرض لتجنب الأضرار وتحقيق النصر ان شاء الله تعالى.
والله المستعان على الأعداء
16 نيسان 2024