الجمعة - 20 سبتمبر 2024
منذ 5 أشهر
الجمعة - 20 سبتمبر 2024

زيد الحسن ||

اصابة اطلاقة طائشة ابن صديق لي في رأسه فقررت الذهاب لعيادته والاطمئنان على صحته ، والفضول شدني لمعرفة كيف تعرض هذا الفتى الهادئ الى اطلاقة في الرأس .

كانت المسافة ليست ببعيدة فمنزل صديقي يقع في الحي المجاور لحينا ، لذا قررت الذهاب سيراً على الاقدام وفكري يحدثني عن الفوائد التي ساجنيها من السير على اقدامي ، تلك الاقدام التي اخذ مرض المفاصل قوتها وجعلها لانفع فيها ، قلت في نفسي سوف امارس رياضة المسير اولا وسوف استنشق هواء الربيع وانا امارس هذه الرياضة ، ومكسب اخر سوف يتحقق وهو رؤيتي للحدائق والازهار التي يغرسها الناس في باحات منازلهم وامام ابواب البيوت ، وعسى ان التقي باحد الاصدقاء الذين اختفوا تحت ضغوط الحياة .

في الطريق رأيت منازلاً ليست نظامية البناء وشوارع كأنها متاهات ، وسألت ما الامر ؟ ضحك احدهم وقال هذه ( عشوائيات )، سكت الحديث واستمر المسير ، صادفنا ثلة من الشباب يجلسون في حلقات متقاربة يغطيهم دخان ( الاركيلة ) والضحك والكلمات البذيئة صوتها يشبه صوت الرعد ، عدت وسألت من هولاء ؟ نفس الابتسامة أتتني ؛ هؤلاء مجموعة من الشباب العاطلين عن العمل اصبحت لديهم رواتب بسيطة من الرعاية الاجتماعية لاتكفي لتكوين اسرة فاصبحت حياتهم ( عشوائية )، وقبل نهاية اسفي واستنكاري سمعنا صوت حزمة من الاطلاقات النارية وقبل ان اسأل قالو لي انها اطلاقات ( عشوائية ) ، ولم ارى وردة او ورقة خضراء في الحي كله .

وصلنا البيت المنشود وجلسنا بعد السلام والكلام الجميل وبدأ الحديث المعتاد لكبار السن امثالي وهم يتذمرون من الوضع في العراق ، بدأ الحديث عن انجازات الحكومة وفوراً قفزت كلمة ( عشوائي ) ، حين قال احدهم ؛ ان تحركات الحكومة عشوائية غير مدروسة ، والرد كان من اشيب اخر ؛ وكيف تريد ان يكون عمل احزاب متناحرة وكتل تتقاتل من اجل المناصب ؟، اكيد سيكون عملهم ( عشوائي ) لا يمت الى النظام بصلة ، وعاد الحديث يشرح نفسه كيف اصبحت حياتنا بلا اهداف وبلا تخطيط لمستقبل ، بل اصبح العيش تصريف ايام وانتظار لراتب يوزع فور استلامه الى خمس او ست ( مافيات )وضعتها الحكومة في رقابنا ، اولها صاحب المولد واخرها صاحب البيت المستأجر ، هنا رأيت بالفعل ان جميع مايحصل ( عشوائي ) فعلا ، الا شيء واحد مخطط له ومدروس للغاية وهو جعل العراق خراب .

تستعمل كلمة ( عشوائي ) للتعبير عن انعدام الغرض والغاية ، فالعشوائي يعبر تماما عن هذا المعنى من فقدان الهدف أو السبب أو الترتيب ، من هنا اعلن عن نفسي انني اصبحت عشوائياً رغم أنفي ، وبالطبع امثالي كثر لكنهم غافلون