إصبع على الجرح..في المرجعية الغرّاء بعيدا عن الباقلاء..!
منهل عبد الأمير المرشدي ||
خلال جلسة تشرفنا بها ان نكون ضيوفا على رجل كريم من النسل النبوي الطاهر يجمع من بين الأفق الأكاديمي والعلوم الدينية وقد انعم الله عليه بتمام الجمال في الخلقة والأخلاق والحديث حيث تطرقنا الى واقع حال ما آلت اليه الأمور من ضبابية وخلط في الأوراق ضمن المنظومة الدينية والقيمية على مساحة واسعة من المجتمع وقد استشهد لنا سماحته بحكاية المرجع الراحل السيد محسن الحكيم مع احد مشايخ الدين في ستينيات القرن الماضي والتي سنعود لها في خاتمة المقال .
كان لأسباب الحديث مسببات ودواعي بعدما انتشرت هذه الأيام ظاهرة الإساءة الى المنظومة الدينية والقيّمية من خلال بعض الذين تبوأوا مواقع منحتهم فسحة الحديث بإسم الدين وقد إرتدوا لباس الدين وتعممّوا بعمامة رجل الدين فأعلتوا المنابر يصرحون بما شاءوا وكيفما شاءوا فتطاولوا وتجاوزوا وأفتوا وأساءوا من دون رادع او رقيب او حسيب .
المشكلة في هؤلاء انهم يمتلكون جواز المرور الى مسامع الآلاف من الناس البسطاء وعموم طبقات المجتمع الذي لازال يحتفظ لرجل الدين بصورة الهيبة والوقار والصدق واليقين بالتلقائية والفطرة التي تربينا عليها .
أمر في غاية الخطورة ولابد من التوقف عنده حيث يمتلك امثال هؤلاء وسائل اعلامية ووسائط البث المباشر على القنوات الفضائية ومواقع التواصل الإجتماعي وهذا ما يمهد للتأثير على عقول الآخرين خصوصا من الأجيال الناشئة ويؤسس لخلق قناعات قد تتجاوز كل ما يخطط له اعداء الدين والمجتمع ان لم تكن تحقق لهم كل ما يرسمون ويخططون في غرف مظلمة .
علينا ان لا نتفاجأ اونستغرب حين نسمع من بعضهم الإساءة الى رموز دينية مقدسة اومثابات ومقدسات لها قيمتها وسمّو مقامها الروحي في نفوس المؤمنين والعارفين . لست بحاجة الى البحث والتدقيق في كشف اولئك الذين اذا خطبوا قالوا نشهد ان محمدا رسول الله والله يعلم ان محمدا رسوله ويشهد إن المنافقين لكاذبون. هم واضحون مكشوفون في نبرات صوتهم وضحالة ثقافتهم وفقدانهم للعفة والحياء وقباحة اشكالهم في المضمون مهما تجملوّا في ظاهر القول .
لكنهم في النهاية أسائوا ويسيئون الى مقام العلم والعلماء والمرجعية الغراء ولابد من الوقوف بوجههم وفضحهم عبر المنابر والأقلام والبرامج الثقافية والدينية على حد سواء . اخيرا وليس آخرا نعود لحكاية المرجع الراحل السيد محسن الحكيم في ستينيات القرن الماضي حيث كان خارجا من الصحن الحيدري الشريف فشاهد احد مشايخ الدين المعمّمين الذين يتلقون الدرس على يديه في الحوزة العلمية واقفا يتناول الباقلاء مع الواقفين حول عربة اوقفها صاحبها يعتاش منها يعلى الرصيف فلما رفع الشيخ رأسه وقع نظره على السيد الحكيم فأرتد وبان عليه الإرتباك وطأطأ رأسه حياء منه فأقترب منه السيد الحكيم وقال له:
( لا عليك يا اخي . انت حر بما تفعل ولم تفعل منكرا ولكن اعطني العمامة فهذه لنا وخذ انت الباقلاء فهي لك . والسلام .