الخميس - 06 فيراير 2025

تركيا ومساعي الشراكة الصلبة مع العراق..!

منذ 10 أشهر
الخميس - 06 فيراير 2025

سعيد البدري ||

لاشك ان زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حملت بين طياتها رغبات الجانب التركي الذي يتعامل مع العراق بفوقية مفرطة حيت سعى اردوغان لجعل العراق في مواجهة مباشرة مع حزب العمال الكردستاني في اطار شراكة صلبة طالب فيها بأن يكون هناك دور لحماية أمن تركيا ،و على الرغم من رفض العراق وعدم رغبة اطراف عراقية في الانخراط بهذا الصراع و وقوف الكثير من الأطراف بالضد من هذه الرؤية الى ان اردوغان يصر وبشكل غريب على تبني هذا الطرح المرفوض جملة وتفصيلا .

زيارة اردوغان هذه ،والتي جاءت بعد فترة طويلة من الشد والجذب والضغط التركي واستخدام الدولة التركية لسياسة التعطيش تجاه العراق لاجبار العراقيين على ان يكونرا جزءاً من معادلة تركيا الأمنية من خلال التصدي لحزب العمال الكردستاني ، وهو امر لا يحبذه الجانب العراقي ولديه طرح مغاير يتمثل بجعل تركيا شريكا اقتصاديا على ان تصفي بنفسها بعض الملفات الداخلية بعيدا عن الاراضي العراقية ،فمن غير المقبول ولا المعقول الاستمرار بالحلول الامنية وجعل العراق ساحة مفتوحة لتصفية ملفات داخلية تركية ،ولأن الامر يحتاج لمعالجة سياسية واضحة تركياً ،فأن التدخل العسكري العراقي لن يحل الامر بل سيعقده على جانبي الحدود سيما وان وضع حزب العمال في الجغرافية العراقية ليس وليد اللحظة وهو يمتد لعقود طويلة ،ولم يشهد تطورا في ظل سياسة القوة والركل التي تصر تركيا على اتباعها ..

و عراقيا ايضا فأن السبل المتبعة والتي يميل اليها القرار السياسي والامني فالمعالجة الهشة لهذه الملفات قد تنتج اتفاقية امنية يكون الكل فيها رابحاًوشريكا ايضا ،كما هو الحال بالاتفاقية التي ابرمت ودخلت حيز التنفيذ مع الجانب الايراني ،وذلك ليس كلاما عاطفيا بل رؤية واقعية تفرضها المعالجات الجادة وتقرها ضرورات الوصول لتسوية عادلة .
اذن العراق لن يكون في مواجهة عسكرية مع حزب العمال وهو يجد ان الجغرافية التي يتواجد فيها عناصر الحزب صعبة وان اي مواجهة عسكرية ستتحول لحرب طويلة غير منتجة، تستنزف قدرات القوات العراقية، كما ان القرار السياسي والامني العراقي لايقبل ان يكون طرفا في هكذا معادلة تحاول تركيا ان تفرضها على بغداد وستركز في جوانب اخرى ضمن سلوك رشيد يضمن المصالح الوطنية والحقوق المشروعة للعراق .
ربما يتفهم او لا يتفهم اردوغان ذلك ،لكنه يعلم جيدا ان ابتعاد العراقيين عن ما يراه ويريده امنيا ،لن يمنع بلاده من ان تكون شريكا اقتصاديا ،فما يوفره الاقتصاد العراقي والفرص المتاحة بالاخص ما يمثله طريق التنمية الستراتيجي سيكون له اثر كبير في تغيير بوصلة تركيا ويدفعها لمراجعة مواقفها والعمل بشكل اخر اكثر مرونة، لتضمن بذلك انتعاشا اقتصاديا بعد سنوات من الازمات والاشكاليات التي عصفت بالليرة واثقلت الاقتصاد التركي الذي بات يعتمد على المليارات القطرية لمنع تدهور سعر صرفها وهو امر يحتاج لمعالجة سيمثل العراق فيها طوق النجاة وسيكون حجر الزاوية لتمكين تركيا من فتح بواباتها على الغرب الاوربي ..
[9:29 ص، 2024/4/25] qas200: https://clay-board.com/archives/159800