الاثنين - 21 ابريل 2025

لماذا تركز واشنطن على أكمال مخطط التطبيع بين اسرائيل والسعودية؟!

منذ 12 شهر
الاثنين - 21 ابريل 2025

أ.د.جاسم يونس الحريري ||

بروفيسور العلوم السياسية والعلاقات الدولية
للاتصال بالكاتب:- [email protected]

سلط تقرير مطول نشرته شبكة “إن بي سي” الإخبارية الأميركية، الخميس الموافق18يناير2024، الضوء على الجهود المبذولة للتوصل لاتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية و((إسرائيل)) بدعم من الولايات المتحدة الامريكية. التقرير ذكر كذلك أن السيناتور الجمهوري(( ليندسي غراهام))شارك آنذاك في سلسلة من الاجتماعات الحساسة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شارك فيها مشرعون ودبلوماسيون أميركيون يأملون في إحياء معاهدة محتملة بين السعودية و((إسرائيل)) والولايات المتحدة الامريكية. وينقل التقرير عن مستشار لأحد أعضاء مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي،القول إنه “إذا توصل السعوديون إلى صفقة جيدة مع إسرائيل، فبالطبع سنصوت لصالحها”.وبعد أشهر من مفاوضات بوساطة أمريكية خلف الأبواب المغلقة، صدرت تصريحات متفائلة من قادة السعودية و((إسرائيل)) عن إمكانية تقارب غير مسبوق بين الطرفين. إذ أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن الرياض وتل أبيب “كل يوم تقتربان وتبدو المحادثات لأول مرة جدية وحقيقية”.وأضاف في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية في العشرين من سبتمبر /أيلول 2023 ((أن الاتفاقية بين البلدين ربما ستكون أكبر صفقة تاريخية منذ الحرب الباردة”.من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ((بنيامين نتنياهو)) إنه يعتقد أن بلاده على أعتاب سلام مع السعودية))، متوقعا أن يتمكن الرئيس الأمريكي جو بايدن من تحقيق هذه الخطوة، التي قال إنها ستغير شكل منطقة الشرق الأوسط.وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أضاف “ليس هناك شك في أن اتفاقيات إبراهام بشرت ببزوغ فجر عصر جديد من السلام… أعتقد أننا على أعتاب انفراجة أكثر دراماتيكية.. سلام تاريخي بين إسرائيل والسعودية”.وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية، وصف نتنياهو أي اتفاق محتمل مع السعودية بأنه سيمثل “نقلة نوعية” في المنطقة، مضيفا “سيغير الشرق الأوسط إلى الأبد، إذ سيهدم جدران العداء”.ويمكن أن تستفيد الرياض من ((إسرائيل)) بسبب تفوق الأخيرة في مجال التكنولوجيا فضلا أن الطرفين يعتبران إيران بمثابة العدو المشترك. ورغم ذلك، يقول مراقبون إن الدور الأمريكي في المفاوضات السعودية-الإسرائيلية هو المحرك الرئيسي الفعلي والواقعي.لكن مايخفف من هذه الرؤية ان السعودية وايران وقعتا أتفاق بكين لتطبيع للعلاقات الدبلوماسية بينهما في العاشر من مارس2023 وبهذا أصبحت طهران صديق للسعودية وليس عدوا. وكانت طهران قد أعربت عن معارضتها، لمثل هذا التطبيع، على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ، الذي قال ((إن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، من شأنه أن يلحق ضرراً، بالسلم والاستقْرار في المنطقة))، وأضاف المُتحدث أن “أيَّ خطوة تتخذ نحو الاعتراف” بإسرائيل “لا تصب في مصلحة فلسطين، ولا في مصلحة السلام والأمن في المنطقة”، التركيز الامريكي على اكمال اتفاق التطبيع السعودي الاسرائيلي مبعثه فبالإضافة إلى رغبة واشنطن في اندماج أقوى ((لإسرائيل)) في المنطقة، فإن أي اتفاق تطبيع بين السعودية و((إسرائيل)) سوف يصب في صالح إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خاصة إذا تحقيق قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع اجرائها في نوفمبر2024. وكانت وسائلُ إعلام إسرائيلية، قد نقلت عن وزيرالخارجية الإسرائيلي، ((إيلي كوهين))، قَوْلَه إن بلاده هي ” أقرب من أي وقت مضى لإنجاز اتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية”، في وقت تتزايد فيه التكهنات، بقرب التوصل لمثل هذا الاتفاق، وأضاف كوهين ” إن هناك فرصة لإتمام ذلك”، في وقتٍ أشارت فيه وسائلُ إعلام إسرائيلية، إلى ان الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيرى مِثْل هذا الاتفاق في حالة تَحَقُقه، بمثابة إنجاز دبلوماسي، يرتكن إليه خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة. وتشير تقارير إعلامية أمريكية عدة، إلى أن وفدا دبلوماسيا إسرائيليا رفيع المستوى، زار واشنطن في أغسطس2023، لمراجعة الخطوط العريضة لاتفاقٍ لتطْبيع العلاقات، بين ((إسرائيل)) والمملكة العربية السعودية برعاية أمريكية. وتُضيف التقارير بأن الوفد، كان برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي،((رون ديرمر))، وأنه عقد اجتماعاتٍ في البيْت الأبيض، في السابع عشر من أغسطس 2023، والتقى مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض((جيك سوليفان))ومستشار الرئيس الأمريكي الأول للشرق الأوسط، ((بريت ماكغورك))، وكبير مستشاري الرئيس للطاقة، ((آموس هوكستين))، وهم المسؤولون الأمريكيون الثلاثة الذين يُشرفون، على الجهود الدبلوماسية، الهادفة للتطْبيع بين ((إسرائيل)) والمملكة العربية السعودية. وتتلخص المطالب السعودية، التي يجري الحديث عنها مقابل التطبيع، في السماح ببرنامجٍ نووي سعودي سِلْمي، وتوفير شبكة أمان، من خلال تعهد الإدارة الأميركية، بالتعامل مع أي هجوم معاد ضد السعودية، مثلما تتعامل مع هجوم مماثلٍ على دولة عضو في حلف الناتو، وهو مايراه مراقبون أصعب تلك الشروط، رغم أن الرئيس الأمريكي نفسه، أشار إلى أن هناك تقدما في التفاوض حول تلك المطالب السعودية. ويظل ما يُقالُ حول المطالب السعودية، بشأن القضية الفلسطينية غامضا، مع عدم إفصاح القيادة السعودية للفلسطينيين، عن تلك المطالب واكتفائِها بتطميناتٍ بأن القضية الفلسطينية، ستكون حاضرةً في حالة وجود أي اتفاق للتطبيع مع ((إسرائيل)).وكانت الرياض قد أعلنت يوم السبت الموافق12 آب/ أغسطس 2023، تعيين سفير غير مُقيم لها في الأراضي الفلسطينية، في خطوةٍ أثارت المزيدَ من التكهنات، بشأن الموقف السعودي، بين من اعتبرها مقدمة للتطبيع مع ((إسرائيل))، ومن اعتبرها رسالة سعودية بشأن مطالبها لإتمام هذا التطبيع.واعتبر بعض المراقبين، أنَّ إعلان السعودية في هذا المجال، لايعدو أن يكون سوى أمر شكلي، يهدف إلى إظهار أن الرياض، لم تنس القضية الفلسطينية في حالة إتمام أي تَطْبيع مع ((إسرائيل))، في حين اعتبر البعض الآخر، أنها دليل قوي على أن الرياض لم تنس القضية الفلسطينية، في ظل الضغوط المتزايدة من قبل واشنطن لإتمام التطبيع.وفي تطور جديد شدّدّ المُحلِّل للشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، ((عاموس هارئيلعلى)) أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّة، أنتوني بلنكين، قال يوم الاثنين الموافق29/4/2024في الرياض، خلال زيارته للسعوديّة، ((إنّ المملكة وإسرائيل أصبحتا أقرب من أيّ وقتٍ مضى لإنهاء المفاوضات حول اتفاق التطبيع بينهما))، وأضاف قائلاً ((إنّ الأمريكيين يعملون على إضافة بندٍ جديدٍ وطموحٍ جدًا لصفقة تبادل الأسرى، والذي يهدِف إلى تحريك الجهود من أجل التطبيع بين تل أبيب والرياض، هذه الجهود الذي توقفت منذ بدء العملية العسكريّة الإسرائيليّة بعد هجوم (حماس) المُباغِت في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023)).