كيف هي الحرية في مسقط رأسها؟!
أحمد ماهر ||
تعيد الاحتجاجات الطلابية واسعة النطاق التي تجتاح العديد من الجامعات الأميركية تنديدا بالحرب الدائرة في غزة إلى الأذهان، موجة التظاهرات العارمة التي شهدتها الولايات المتحدة، خلال أواخر ستينيات القرن الماضي وما تلتها من سنوات.
طلاب الجامعات الأميركية احتشدوا داخل الحرم الجامعي أو خرجوا إلى الشوارع في مواقف متعددة ومختلفة، رافعين شعارات الاحتجاج والاستياء، اعتراضًا على قضايا عدة. تضمنت هذه القضايا رفض الحرب في فيتنام واستنكار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى المطالبة بحقوق أخرى، مثل تحركات حقوق الإنسان التي ساهمت في إنهاء التمييز ضد الأميركيين من أصل أفريقي. وفي أحيان أخرى، رفع الطلاب مطالب للتغيير في السياسات الجامعية والنظام التعليمي الخاص بجامعاتهم.
بعد أكثر من ستين عامًا، ها هي موجة الاحتجاجات الطلابية تتصاعد في الولايات المتحدة، مستنكرة الإبادة الجماعية الإسرائيلية على غزة، ممتدة إلى العاصمة واشنطن وعدة ولايات أخرى. وبينما قامت السلطات بمئات الاعتقالات، دعا الطلاب المحتجون في الجامعات الأمريكية إلى دعم الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة ووقف الاستثمارات في الشركات المزعوم دعمها لإسرائيل، وإلا فلن يتوقفوا.
من جهة أخرى، يحاول اللوبي الصهيوني ربط الاحتجاجات ب “معاداة السامية”، لشيطنتها وتبرير استعمال العنف الحكومي ضدها. وسط تواطئ بعض رؤوساء الجامعات مثل رئيسة جامعة كولومبيا التي استدعت الشرطة لتفريق المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، ما تسبب في ردة فعل عكسية رفعت من مستوى الاحتجاج الطلابي والتحدي.
احتجاجات في جامعات أمريكية أخرى
المظاهرات لم تقتصر فقط على جامعة كولومبيا، بل امتدت إلى عدة جامعات أخرى، بما في ذلك جامعتي ييل ونيويورك. في هذه الجامعات، نصب عدد من الطلاب خيامًا احتجاجية، رغمًا عن إرادة إدارات الجامعات.
خريطة لأهم الجامعات الأمريكية التي شاركت في الحركة الطلابية المناهضة للصهيونية
يمثل ما يجري تهديدًا خطيرًا على عدة أصعدة، يتعلق التهديد الأول بانهيار منظومة القيم التي ابتكرتها الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة، والتي جعلتها تجوب العالم بعصاها مسقطة أنظمة بحجة الديمقراطية وحرية التعبير.
التهديد الثاني وهو الأخطر أن هؤلاء هم جيل المستقبل، ولك أن تعلم حجم الخطر، إذا ما علمت أن طلبة كليات العلوم السياسية في الجامعات كانت في مقدمة المحتجين. كيف سيكون شكل السياسات الأمريكية عن يصل هؤلاء الرافضين للاحتلال الإسرائيلي للسلطة؟ تعيش إسرائيل أزمة حقيقية تهدم بيت الرمل الذي تبنية منذ ثمانين عامًا.
التهديد الثالث ولا يقل هذا خطورة عن سابقه، يتعلق بكون المحتجين هم طلبة الجامعات، وهي فئة تساهم بشكل فعال في الانتخابات، وهو ما يجعل حلبة الانتخابات القادمة محتدمة بشكل غير مسبوق، ولأن صناع القرار الأمريكى يعلمون تمامًا مدى قوة تأثير الكتلة الطلابية فى المعادلة الانتخابية، فإن الأمر يعد بالغ الخطورة ويشكل ظاهرة لم تتعرض لها الولايات المتحدة بهذا الحجم من قبل، خاصة أن التظاهرات لم تتوقف على مدار ما يقرب من 7 أشهر… يدرك الفاعلين كافة أن المرحلة المقبلة من مستقبل الولايات المتحدة سوف تتأثر بنتائج الاحتجاجات الطلابية الراهنة..تلك الاحتجاجات التى ستفرض مدخلات جديدة تلقى بظلالها على الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع إجراؤها نوفمبر 2024.. فكيف ستعيد الاحتجاجات تشكيل المشهد الانتخابي القادم لغير صالح الكيان الصهيوني؟ هذا هو الحدث الأهم القادم.