هل تغرب الشمس ببطء عن القوة الاميركية ؟!
فهد الجبوري ||
نشرت مؤسسة راند RAND الامريكية في ٣٠ نيسان/ ابريل الماضي دراسة بتكليف من مكتب التقييم التابع لوزارة الدفاع الاميركية البنتاغون حول المشاكل الاستراتيجية التي تواجه الولايات المتحدة في الوقت الراهن ، والدراسة جزء من سلسلة تقارير هدفها تقييم الوضع التنافسي للولايات المتحدة في مواجهة الصين الصاعدة .
وقد استعرض الكاتب الامريكي المعروف ديفيد ايغناتيوس هذه الدراسة في مقالة له نشرتها صحيفة واشنطن بوست وصف فيها تقرير راند ” بالمتفجر ” بعد أن أوضح التقرير أنه ” ربما تكون الولايات المتحدة تتعثر نحو انحدار لم تتعاف منه سوى القليل من القوى العظمى ، ثم يطرح التساؤل التالي : هل تمتلك واشنطن العديد من ادوات التعافي الوطني “.
دراسة مؤسسة راند حملت عنوان ” مصادر الديناميكية الوطنية المتجددة ” ، ويرأس المؤسسة حاليا جميس بيكر ، وهو ضابط متقاعد في القوات الجوية ، وعمل كخبير استراتيجي لرئيسين لهيئة الاركان المشتركة .
وتطرح الدراسة هذا التساؤل المهم ” ما الذي أدى الى ” التراجع النسبي في مكانة الولايات المتحدة ” ؟ محذرة من أن هذا التراجع يتسارع ، ويتم النظر الى المشكلة الاساسية بمصطلحات مختلفة تماما من قبل شرائح مختلفة من المجتمع ، ومجموعات من القادة السياسيين.
ويقول الكاتب الامريكي ايغانتيوس في مقالته حول الدراسة ” هناك رواية يمينية واخرى يسارية ، ورغم اتفاقهما على ان شيئا ما معطل في امريكا ، فإن الجانبين يختلفان الى اقصى حد في كثير من الاحيان ، حول ما يجب القيام به حيال ذلك “.
ويضيف ” ومالم يتمكن الامريكيون من توحيد جهودهم لتحديد هذه المشاكل وحلها ، فإننا نجازف بالسقوط في دوامة هابطة ”
ويوضح لقد أشار مؤلفو الدراسة الى ” أن التعافي من التدهور الوطني الكبير طويل المدى أمر نادر ويصعب اكتشافه في السجل التاريخي ” ويقولون ” ولنفكر في روما ، أو اسبانيا الهابسبورغية ، أو الامبراطوريتين العثمانية والنمساوية المجرية ، أو الاتحاد السوفياتي ، عندما تنزلق القوى العظمى من موقع التفوق أو القيادة بسبب عوامل داخلية ، فإنها نادرا ما تعكس هذا الاتجاه ”
ويستشهد مؤلفو راند بجملة من المحفزات المألوفة للغاية في عام ٢٠٢٤ ، كأسباب للتدهور الوطني : ومنها ” الادمان على الترف والانحطاط ” ، و ” الفشل في مواكبة المتطلبات التكنولوجية ” ، و ” البيروقراطية المتحجرة ” ، و ” فقدان الفضيلة المدنية ” ، و ” التمدد العسكري المفرط ” ، و ” الارهاق العسكري ” ، و ” النخب الأنانية والمتحاربة ” ، و ” الممارسات البيئية غير المستدامة ” .
وتقيم الدراسة اداء الولايات المتحدة في حل هذه المشكلة في عام ٢٠٢٤ ” بالضعيف ” ، وترى أن الخطوة الاولى تبدأ بالاعتراف بالمشكلة أولا ، ثم اعتماد استراتيجية لحل المشاكل عمليا بدلا من الغرق في معارك ايديولوجية ، فضلا عن ضرورة تقوية هياكل الحكم الرشيد ، مع ضرورة أن تلتزم النخبة بالصالح العام.
وفي مقالته ، شدد ايغناتيوس على أن دراسة راند تشير بوضوح الى أن عدم المبادرة الى العمل لأجل الصالح العام ونهضة البلاد ، واستخدام ادوات الاصلاح ، وتسليم الادارة الى قادة جدد ينفذون قواعد اصلاح تناسب الجميع ، فإن ذلك يعني أن الولايات المتحدة ستغرق حتما ” .