الروح، منحة الله فلا تغفلوها..!

منذ أسبوعين

كوثر العزاوي ||

 

{وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ } البقرة ١٥٤

للروح قداسة خاصة ليس بما يحمله اللفظ المجرد، بل بما ينطوي عليه اللفظ من معنى ومضمون ماورد في ثنايا الآية المباركة هي
إشارة إلى تلك الحقيقة -الروح- التي بها يحيا الجسد ويُشرق، ومَن لها بُعدٌ نفيسٌ وراء البدن، بحيث تبقى حيّة بعد تحوّل الجسد إلى رفات! ومن هذا المنطلق السامي والعالي المقام، لاينبغي لمن يَفهم معنى روحَهُ بأَبعادها الراقية أن يضعها موضع التهوين لدرجة بَخسِ قيمتها، ولا تَوهينها لدرجة الإضعاف والنزول بها من هرم الكرامة وقمّة الإعتبار إلى منحدر الذلة والهوان!! كلا.. بل الجدير بصاحب الروح المتسامية الطموحةِ إلى القرب الإلهي، المتطلِّعة إلى حيازة مقعد الصدق عند مليك مقتدر، لابد له من صيانتها من الانكفاء والإنطفاء والتقهقر والنكوص! فليس عسيرًا على مَن خوَّلَهُ الله”عزوجل” بسياحة الأرض ليختار منها أجملها وأصلحها لروحه، فيصطفي مَن يزرعهم في واحتها بدقة، لأن اختيار البذور وغرسها أسهل من إقتلاع الأشجار بعد التجذّر والتمدّد في فناءها، وإنّ “تَعلُّق الروح” بالأشياء وبما يجانسها من البشر والطبيعة والفانيات، فقد يسلب صاحبها شفافية روحه، ويمنعهُ ذلك التعلّق من إظهار نوره الربّاني، ويُعتِم طريق تطوّره الروحيّ، ويكدّر صفائه الممنوح في لحظات سكينة في فضاء الصفاء! وبذلك من السهل أن يفقد المتعلّق فرصةَ اكتشافه لحقيقة روحهِ المعطاء مالَم يعي مفهومها السامي أثناء مسيرته التكاملية بما يفضي الى استحالة استبدال جمالها-الروح- بالظلام، ليرى نفسه في بئرِ مَن تعلّق به، إذ ينبغي تدارُك الامر لسلوكِ أيسرِ السبل وأكثرها أمانًا، وليس ثمة أمان سوى طريق آل محمد “عليهم السلام” واعتماد وصاياهم منهجًا وسبيلًا إلى الله “عزوجل”
{إن الله افتَرَضَ عليكم فرائض فلا تضيّعوها، وحَدَّ لكم حدودًا فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكَتَ لكم عن أشياء ولم يَدَعها نسيانًا فلا تتكلّفوها}.
– نهج البلاغة، الحكمة ١٠٥

٢٦-شوال-١٤٤٥هجري
٥-ايار-٢٠٢٤م