الخميس - 06 فيراير 2025
الخميس - 06 فيراير 2025

الشيخ الدكتور خير الدين الهادي الشبكي ||

مما يؤكد تقدم الحضارات وارتقاء الشعوب في كل عصر وزمان هو تولي العلماء والفضلاء ادارة الحراك الاممي فهم على مر الزمان كانوا يؤكدون قدرتهم على التفاعل الايجابي مع كل حادث وطارئ، لذلك كانت الامم تفتخر بعظمائها الذين كتبوا التاريخ بحروف من الحكمة وزينوها بشموع الضياء فوصل العالم بمدادهم إلى مديات كبيرة من الزهو والرقي والتقدم الحضاري في مختلف فنون المعرفة العلمية والفنية والأدبية والفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
أما في عصر التفاهة فلن تجد الأمور على أصولها بل إن الذين يصرون على الالتزام بالضوابط والقوانين في تحكيم العلم والعقل والحلم تجدهم يتأخرون عن الركب الذي حسم فيه السفهاء أمرهم وتولو مقاليد الأمور فبات الامر أمرهم والقول قولهم، لذلك من الطبيعي أن تجد العالم متأخرا والسفيه متقدما وأهل الفسوق والفجور يتحكمون في العباد والبلاد.
في زمن التفاهة تتغير الموازين ويحتكم الناس إلى غير أهل الرأي والعلم لأن مقاساتهم مختلفة وأهواءهم غالبة بعد أن تصوروا أنهم أصبحوا قادة المجتمع الذي يعيش هو الأخر أعلى درجات السفاهة، لذلك من الطبيعي أن لا تجد مستمعا لصوت الحق من القرآن أو الذكر والدعاء أو صوت الحكمة والعقل وفي المقابل فقد تجد طوابير الناس يتزاحمون على المغنيين والسفهاء واهل الفسوق والفجور.
في عصر التفاهة يتغير حتى معلم الناس فكما هو معلوم أن المعلم يبدأ بتأديب نفسه وتعليمها قبل أن يتعرض إلى الناس أما اليوم فنجد كثيرا ممن تصدى للتبليغ والتعليم تغافل عن نفسه وبدأ بتعليم الناس وهو قد فشل بتعليم نفسه ومحيطه الاسري والحلقات الصغيرة من حوله وهذا اللون من المعلمين والمبلغين تزايد حجمهم حتى بات التقي والعالم مكروها بين الناس بوصفه لا يجامل في الله ولا يأخذه في الله لومة لائم.
إن البرامج التي تسلطت على منافذ النشر ومواقع التواصل يؤكد هوية الشعب والأمة لذلك فإن انتشار الهزل والسفاهة بين أوساط العامة وعدم اكتراث الخاصة بذلك يؤكد أن المعركة حسمت لصالح التفاهة وهذا يستلزم حركة جماهيرية كبيرة من المؤمنين الذين كانوا نواة التبليغ الإسلامي وبهم تعاظم أمر الاسلام ووصل أقاصي البلاد والعباد.
في عصر التفاهة ينبغي على المخلصين من العلماء عدم الرجوع عن بلوغ غاية الابتلاء مهما تعاظم أمر السفهاء وهذا سبيلنا لمعالجة فساد الامة التي باتت ضائعة عن رجالها ونائمة عن مصير أهلها، فساد فيها الهوان والذل وبات المومن كقابض يديه على الجمر من شدة الفتن والبلاء .