في ظلال طوفان الأقصى”62″ وقفُ الحرب وانتهاءُ العدوان ضماناتٌ واهيةٌ ونوايا كاذبةٌ
د. مصطفى يوسف اللداوي ||
تدرك المقاومة الفلسطينية أن المعركة السياسية التي تخوضها ضد العدو الإسرائيلي وحلفائه على طاولة المفاوضات غير المباشرة في القاهرة والدوحة، هي أشد صعوبةً بكثيرٍ من المواجهة العسكرية التي تخوضها على الأرض وفي الميدان، فهي قد خبرت العدو في الحرب وعرفته، وجربته في القتال وعركته، وعرفت أنه لا يستطيع كسرها والقضاء عليها، ويعجز عن استئصالها والسيطرة عليها، وقد فشل مراراً في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها، وعجز عن تحقيق أيٍ منها، رغم المجازر التي ارتكبها، والمذابح التي قام بها، والغارات التي نفذها، والأسلحة التي استخدمها، والطائرات الحديثة التي استعان بها، وبقي على مدى أكثر من مائتي يوم الحرب على بعد خطوةٍ واحدةٍ من أول الحرب وبداية العدوان.
ولعل المقاومة قد صمدت في وجه العدوان وأعيته، وأفشلت مخططاته وأحبطته، وبددت جهوده وأربكته، وكبدته خسائر وأوجعته، وأعلنت أنها قادرة على الصمود في وجهه لأشهرٍ أخرى قادمة، وقد أثبتت بالقوة والفعل، على الأرض وفي الميدان، أنها ما زالت تسيطر وتتحكم، وأنها تنظم وتنسق، وأنها قادرة على إعادة تنظيم صفوفها وترتيب أمورها، وترميم ما أصابها والنهوض من جديد بعد كل غارةٍ وجولة، وقد أطلقت من جديد صواريخها على الوسط ومستوطنات الغلاف، وقنصت جنود العدو ونالت منهم، وقصفت حشوداتهم وأصابت تجمعاتهم، واستهدفت مجمع نتساريم وبيت حانون، وكرم أبو سالم وغيرها من الأهداف العسكرية، التي ظن العدو أنه آمن فيها، وأن المقاومة عاجزة عن الوصول إليها وإصابتها.
أما على طاولة المفاوضات وخلال جلسات الحوار غير المباشرة، فإن المقاومة تدرك أن أطراف معسكر الأعداء يتحالفون مع الكيان الصهيوني، ويتآمرون معه عليها وعلى الشعب الفلسطيني وحقوقه، وأنهم جميعاً يتكالبون ضدهم ويتحدون في مواجهتهم، ويريدون أن يستفردوا بها على طاولة المفاوضات، وأن يأخذوا منها بالحيلة والخديعة ما عجزوا عن تحقيقه بقوة السلاح ووحشية العدوان، ويرون أنهم بالسياسة أقدر وبالحنكة أقوى، وأنهم يملكون ما يهددون به، وعندهم ما يخيفون المقاومة ويدفعونها إلى التراجع عن شروطها، والتنازل عن مواقفها، وإلا فإن الحرب ستستمر، والاحتلال سيبقى، ولن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى بيوتهم، وإعادة إعمار مناطقهم، وتحسين شروط عيشهم،