كريمة آل محمد” عليهم السلام”..
كوثر العزاوي ||
جاء في الرواية عن الإمام علي بن موسى الرضا “عليه السلام”:
{مَنْ زارَ المعصومَةَ بقُمّ كمَنْ زارَني}
او{مَنْ زارَها عارِفًا بِحقّها فَلهُ الجنّة}
سؤال وارد: هل ماجاء على لسان المعصوم بحق هذه السيدة النجيبة هو على نحو التكريم المجرد مع استحقاقها إليه وحسب؟! جزمًا لا، فممّا لاشك فيه أن مايصدر عن أيّ معصوم لم يكن جزافًا وليس ضربًا من هوى أو مزاج، حاشا أن يكون ذلك شأنُ من طهّرهم الله عن الرجس والهوى! بل إنّ هذه الإفاضة وهذه الشأنية، إنما أفيضت عليها لِما ارتقت إليه من مراتب التقوى العالية من خلال العبودية “لله عز وجل” مع كل ماواجهتهُ من عاتيات الرياح!!
وبالتالي: فإنّ حقيقة الأمر الذي قد أثبتتهُ الروايات المعتبرة بحق هذه السيدة العظيمة، لأن ثمة مقدار أعظم، قد أودعه الله تعالى في شخصيتها الذي هو امتداد لنسل آل محمد”عليهم السلام” علاوة على المغزى الذي يقينًا يعلمه الأئمة المعصومين بشأن مجيئها الى قم والإقامة في بيتٍ من بيوتات الوجهاء”موسى بن الخزرج”وماتلك الحكمة الإلهية التي جعلت من قُم محطة إقامتها رغم قصر أمدها بعد عناء سفرٍ ومحنة اغتراب، ولوعة فقدٍ وفراق، كما ورد في قصتها المشهورة صحيحة السند، – فلتطلب في مظانها- ثم مالاقت من تداعيات مرضها في مدة قضتها بمنأى عن الناس، إذ جعلت لنفسها مكانًا لوحدتها وخلوتها بربّها لتترك أثرًا لصدق عبادتها وإخلاص عبوديتها في ذلك المكان المفعم بالمعنوية والصفاء بما يُطلق عليه “بيت النور” إذ حباه الله عزوجل ليكون مزارًا في إحدى ضواحي قم المقدسة في إيران، وهكذا ختمت حياتها القصيرة بوفاتها “سلام الله عليها”هناك ليبقى قبرَ هذه السيدة المهابة منارًا، كما هو دليل فخر لم يختلف عن بقية سلالة البيت العلوي ومن ارتبط بهم من ذراريهم في ظلامات كثرى، وماجرى عليهم من ظلم وحيف، غير أن للباري “عزوجل” حكمته وإرادته في خواتيم الأمور قد لاندركها إلّا بعد أن نرى عظيم هباته المتجسدة في خلود آل محمد “عليهم السلام” ولهم في بقاع الأرض أثرًا ومَعلَمًا، كما هو شأن السيدة المعصومة “عليها السلام”حيث جُعل من قبرها صلوات الله عليها محورًا للشيعة في بلدة “قم”وقد أحاطها الله بقدسية خاصة وكرامات واضحة، حيث اشتملت عليها النصوص الشريفة التي تتحدث عن فضل قم ومالها من المكانة العليا، كما رويَ عن الإمام الكاظم “عليه السلام”:
{قم عشّ آل محمد ومأوى شيعتهم}
أما ثمرة القول وخلاصته: أنّ لكلّ ذي مقام أثر يُحتذى، ونموذج يُقتدى، وماأحوج بناتنا ونسائنا اليوم لدراسة سيرة مثل هذه المرأة العظيمة التي عصمت نفسها طاعةً لله، واقتداءً بجدّتها الصدّيقة الكُبرى “فاطمة الزهراء عليها السلام” وعندما أخلَصَت لرسالتها وأوقفت حياتها لإمام زمانها، وفَدَتهُ بنفسها، أكرمها الله تعالى، فأزهرَ وَرَعُها كمالًا، وتقواها منهجًا، وبصيرتها أثرًا، حتى رُفِع لها مقامًا مقرونًا بالعصمة وإن لم تكن من المعصومين، كعمّتها زينب، وسطع لها اسمًا من نور جدتها فاطمة الزهراء “عليها السلام”،
فكان شأنُها شأنُ فاطمٍ بنت طه* فهيَ كالنور واضحٌ ليسَ يُنكَرْ*
نبارك لجميع الموالين ذكرى الولادة العطرة.
الأول من ذي القعدة-١٤٤٥هجري
١٠- ايار-٢٠٢٤م