الخميس - 13 فيراير 2025

“بلوكرات وفاشينسات” تجاوزن حدود الاخلاق والأديان ..!

منذ 9 أشهر
الخميس - 13 فيراير 2025

الدكتورة فاتن الحلفي ||

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي واقعاً مفروضاً غير مرفوض وقناة من القنوات التثقيفية التي تبث ثقاقات مختلفة لمختلف الفئات العمرية – صحيحة أو مشوهة – ولطالما نوهت في أكثر من مقال وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة عن التداعيات الخطيرة للأساليب والمحتويات التي تدخل الى كل بيت عراقي وتتوغل في القكر الفتي لأجيالنا الصاعدة ، ولكم حذرت سابقاً وأستمر في التحذيرمن الخطورة الكامنة خلف الحرية المطلقة لأصحاب المحتوى الهابط دون قيد أو رقابة جادة على كل ما يبث من قبل أشخاص لا يملكون الصفات والمواصفات التي تؤهلهم لنقل افكارهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم الاجتماعية الى الناس .. سؤلت من الكثيرين عن الفرق بين الفاشينستا والبلوكر——سأوضح هذا الفرق وأضيف توضيحاً مهماً عن الفرق بين هذه المهن وبين الصورة المشوهة لكثير من الفاشينستات والبلوكرات في مجتمعنا وظاهرة الزهو بهن من قبل المتأثرين بهن -المؤثرين اجتماعياً للأسف ..
الفاشينستا عبارة عن امرأة جميلة أو متجملة يتابعها الملايين على صفحتها في المواقع الاجتماعية تروج لكل أدوات الجمال الخارجي ، أما البلوكر فهو شخص متخصص في مواضيع متعددة يقدم مقاطع فيديو تقدم المعلومات النافعة في أغلب الاحيان .
ومن الجدير بالذكر أن المثليين من الرجال يروجون لجنسهم من خلال اتخاذهم دور الفانيشستا ، ولغرابة أوضاعهم وأساليبهم المختلفة يساقطلون الكثيرين ويكسبون القبول الاجتماعي من قليلي الخبرة أو صغار السن ، مؤدين الى انحراف اخلاقي وجنسي .
لقد تحولت الكثير من البلوكرات والفاشينستات في مجتمعنا الى ظاهرة مشوهة ، حيث وقعت معظمهن في متاهة البحث عن الثراء والشهرة والنفوذ دون كبح لجماح النفس ، ودخلن دائرة المنافسة غير الشريفة وأحيانًا غير المشروعة فيما بينهن ؟ الأمر الذي شجعهن على البحث عن كل أدوات الجذب كعرض مفاتنهن أو القيام بحركات خارجة عن المألوف ليرجعن بمجتمعنا الى مضاربات الفترات المظلمة كالنخاسة وبيع الهوى علناً ، وليس هذا فقط بل أخذن يعرضن دون أستحياء جولاتهن الكلامية البذيئة بكلمات لا يقبلها العرف او الدين بهدف تسقيط بعضهن البعض ، للأسف أجد ما يعرض على تلك الصفحات سلعة رائجة لمجتمع يتسلى بصورة المرأة الماجنة الجريئة التي تحتسي وتدخن وتظهر مفاتن جمالها وتعارك بنات جنسها بسلاطة وفحش، واعتقد أن مجتمعنا في اغلبه لا يتابع او يشجع للتسلية فقط بل هناك البعض من يتابع ليقنع نفسه ونزعته المريضه بأن المرأة -هذه خلقتها وهذا شأنها- ولا مجال لأن تلحق بركاب الذكور في التدين والقيمة والمعنى والدور الاجتماعي ، كما نسجل – أنا وأنتم – ما يفعله بعض البلوكرية من الذكور لتنشيط عدد متابعيه من خلال النزول في جولات مع احدى تلك الفاشينسات والأمر من ذلك كله إحياناً مع زوجاتهم أوأخواتهم أو أمهاتهم والاشتراك معهن بالمحتوى التافه المستفز لكل ذي خلق ودين بقصد تحقيق الارباح ، فإلى أي مستوى منحدر نزلتي بالناس يا شركات الاستثمار عبر الانترنت وإلى أي حد بلغت أهدافك المعلنة أو غير المعلنة – وكيف يمكن السيطرة على غريزة حب المال لدى الناس لكي نتمكن من السيطرة على هذا المد الهائل من تسونامي الأموال مقابل الضياع .
ومن زاوية أخرى أكثر ظلاماً أبدأها بمقاربة بين باقي الجرائم التي تبذل الدولة جهودا كبيرة للسيطرة كالمخدرات وغيرها وعليه وبين ما أسميه المال المنفلت الذي تكدسه غيلان الفساد وتبحث عن غسالات بشرية لغسله ، وأنبه الى أن المال المنفلت هذا أشد خطورة من السلاح المنفلت لاستخدام الجرائم كما يدعون فهو السبب الأول لانفلات الشباب وإنهيار المجتمعات بل وارتفاع نسبة الحرمان والفقر ، ومن البديهي أن تكون تلك الفا شينسات المشوهات موضوعًا لبذخ تلك الاموال ووسيلة لغسل الأموال من قبل من لم يبذل جهدا حقيقيا لكسبه ، ولم تنته المقاربة الى هنا .
فلن أبالغ إن قلت أن أمر تلك النساء خرج من محور الانتشار الالكتروني الى محور اكبر وهو الانتشار الاجتماعي والثقافي ، وأعلن بنقمة شديدة وثورة عارمة براءة ذمتي – كمراقبة لحقوق الانسان وباحثة اجتماعية ومدربة تنموية لشؤون النساء – من حالة الصمت أزاء ملف تفشي ظاهرة الفاشنستات في بلدنا ، الصمت الذي ساعد على تحولهن من صاحبات محتوى تافه كنت اقلق من بثه على اجهزتنا الذكية الى كائن متجسد جالس بجانبي في المحافل الإجتماعي أو العلمية ويجدن حظوة أكثر بكثير من المفكرين لدى المسؤولين والسياسيين والعاملين على تقديم خدمات انسانية كبيرة لأبناء البلد بأعتقادهم أنهن مؤثرات أقولها لكم وبصراحة هل ممكن أن تؤثر فينا نحن الواعيات ستؤثر على أمثالها وماحاجتك بأمثالها عديمات الدين والخلق، كذلك فلسان حالهن يلوح لي عن المكانة المرموقة المعترف بها والمشار اليها بالبنان من قبل الهيئة او الجهة الداعية تحت مسمى ( البلوكر) ، وهن لا ينتمين لهذه الصفة بأي صلة ..
إن التطرف في استخدام حرية التعبير عن الذات من قبل تلك النساء واصرارهن على ان ما يفعلنه حرية شخصية مكفولة دستورياً تقيد حقنا في النقد البناء ومحاربة الظاهرة ، وتضعنا في دائرة الاتهام بالتصدي لحق تمتع تلك النساء بالتعبير عن الرأي أو الحرية الشخصية – أي جهل هذا – وكلنا يعلم أن الحرية لا تكون مطلقة إن استخدمت بشكل مخدش للحياء والاداب العامة أو بما يتعارض مع مفاهيم شريعتنا السمحاء ، وأتسائل إن كنا سنسامح بحقنا في مجابهة تلك الظواهر اجتماعياً او قانونياً فهل من الجائز أن لا نواجهها غيرة على ديننا الذي وضع أمام المرأة حدود في الكلام والتصرف والحياء واظهار المفاتن بل منعها من الاخيرة بالمرة؟ وكيف نرد على من تقول أن أفعالي أمر بيني وبين خالقي ؟
نعم إن لم يكن به إغواء للفتيان والشباب ، نعم إن لم يكن به تأثير على الفتيات وتشجيعهن للتقليد ، نعم إن لم تكن به دروب لجر الأرجل وابتزاز الابرياء ، نعم إن لم يكن على صلة بجرائم الفساد وغسل الأموال ، نعم إن لم يكن انتحاراً وتضييع للنفس ، نعم إن لم ينقل صورة مشوهة للمرأة ويساعد الغير على احتقار النوع باكمله وتعنيفه ، نعم إن لم تصل المصالح المتبادلة الى منحهن القيادة لأمور كثيرة واظهارهن كشخصيات عامة وسيدات مجتمع محترمات وتمييع حقيقي لنساء واعيات وباحثات ساندن اخوتهن الرجال لبناء هذا المجتمع وحمايته من الافات المجتمعية
رسالتي هنا لمن جعلتوا منهن أسماء لكي يلمعن أسمائكم أنتم ساهمتم في خراب هذا المجتمع وأعود لأقول لكم لايؤثرن الا بأمثالهن والحليم تكفيه الاشارة
وختامًا أذكر بعض المهرجانات المهمة التي كرمت أحدى الفاشنستات والتي لاتملك أي شهادة أو مهنة بجائزة الإبداع فقط لأن لديها مشاهدات كثيرة من هنا ولنقس
.
فليحفظ الله بلدنا وأبنائه.