الأربعاء - 12 فيراير 2025

استشرى الفساد..الردّ الإلهيّ قادم لامحال..!

منذ 9 أشهر
الأربعاء - 12 فيراير 2025

كوثر العزاوي ||

 

يقول الباري “عزوجل”:
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}الروم ٤١

إنها إحدى السنن في البشر، فالمجتمع الذي يتمادى في خطئه وعصيانه، ويتبّع شهواته ويحرص على تحدّي الخالق”عز وجل” سواء بالإستهزاء من أحكامه أو الإستخفاف بشرعِه، أو بتجاهل عقابه، والغفلة عن آياته، فالردّ الإلهي قادم لا محالة عاجلًا أو آجلًا، ولن يكون أحد بمنأى من عذاب الله سبحانه، فإنّ الآية بظاهر لفظها عامة لا تختص بزمان دون زمان أو بمكان دون غيره ولا بواقعة خاصة، فهي مطلقة، والمراد “بالبَرّ والبحر” معناهما المعروف واقعًا ويستوعبان سطح الكرة الأرضية، كما انّ معنى الفساد: “هو كل مايَنحرِف عن استقامة الحال”، والارض: هي اليابِسَةُ، مالَمْ يُغَطِّها الماءُ عكس البَحر، والإفساد في الأرض:هو العمل فيها بما نهى الله عنه، وتضييع ما أمر الله بحفظه، وإظهار معصية الله فيها، ومن هنا ينطلق الإنسان بغيّهِ ليطلِق للفساد والفسق حرية مدّ أذرعه الأخطبوطية المتنوعة في البر والبحر كما أوضح القرآن الكريم، وإذا كان كل إنسان يفسِّر ويعبِّر عما يقع في حياته، ويستوحي من ظروفه ومحيطه معاني الفساد برًا وبحرًا، فيُسوَّغُ لنا ايضًا أن نفسّر الفساد في البحر مثلًا بالأساطيل الحربية، وشاحنات التخريب والجيوش البحرية المقاتلة، وأسلحة الدمار وإبادة الثروات البحرية فضلًا عن احتكارها مِن قِبلِ حيتان الفساد وعتاة المرحلة! ولو أردنا التكلّم عن إحصائيات الفساد المرعبة في الأرض على صعيد العالَمَين الغربي والعربي الإسلامي، فقد نجد نسبة مذهلة من الزنا، ومثلها تعاطي الخمور بأنواعها، كما تصدمك نسبة الاغتصاب والتحرش والشذوذ الجنسي ماتبلغ في بعض الدول أكثر من خمسين بالمئة! فضلًا عن حالات الطلاق والخيانة الزوجية ومظاهر العهر والتفسخ الأخلاقي وظواهر أخرى استحدثتها القوة الناعمة على مستوى الشرف والاخلاق خاصة، حتى تفشّت لتبلغ حدًّا مهولًا في مجتمعنا الإسلامي وغير الإسلامي، مما يهتز له العرش ويقسعرّ له البدن! وإذا ما تحدثنا عن القنوات والمواقع الإباحية المسبّبة للفساد، فقد تجد عشرات الآلاف من المواقع والقنوات التي تبث سمومها ليلًا نهارا على مرأى ومسمَع مئات الملايين من المسلمين وغير المسلمين ومن كل الفئات العمرية وبمحض إرادتهم ورضاهم، حتى كاد يصبح مرضًا مستعصيًا نتيجة الإدمان، فكل شيء مباح متاح دون رقيب ولاوازع من شرف! أليس كل مايعصف بنا في هذا العصر الغارق بالفساد والشبهات، هو مصداق لما أخبر عنه القرآن عبر الآية المباركة اعلاه؟! وثمة ظواهر كونية على صعيد التغيّر المناخي وما يطلقه العلماء من تحذيرات واستغاثة من أنّ هذه الظاهرة الفلانية ستقضي على النبات والحيوان وتصيب الإنسان بنِسَبٍ عالية من الأمراض الخطيرة نتيجة الاوبئة والتلوث فضلًا عن حوادث السيول والعواصف المدمرة والاعاصير، حينئذ يتبادر الى أذهان ذوي البصائر قول الحق تبارك وتعالى وإنذاره وهو يؤكد حقيقة:
{… بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} الروم ٤١
إنه قول الله، فصل الخطاب! إذ حدّد لنا بدقة رائعة، أن الفساد سيظهر في البر والبحر وأن الإنسان هو المسؤول عن ذلك، وأن هذا الإنذار نوع من أنواع العذاب وأن الله سبحانه يوقعه على بعض العصاة كسوط يؤدبهم ويوقظهم من غفلتهم، لعلهم يرجعون إلى بارئهم “سبحانه وتعالى” مما يتضح لنا بعد ذلك ان أساس الفساد ومصدره أعمال الناس أنفسهم، بل جميع المفاسد أساسها الغفلة عن أصل التوحيد المتمثل بالوقوف عند حدود الله وشريعته السمحاء،
وعندما ينزل العذاب وتكثر المصائب والأمراض والأوبئة وتضيق الصدور وتمنع السماء قطرها، ومايحدث من تغيّرات في الكون، وكثرة موت الفجأة وجرائم القتل وماشابه، كي يُريهِم عاقبة ماقدّمت أيديهم وليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون، لأنّ الله لايظلم أحدًا مثقال ذرة، فهل من متَّعِظ؟!!!

٤-ذي القعدة-١٤٤٥هجري
١٣-أيار-٢٠٢٤م