الاثنين - 21 ابريل 2025

معرفة الامام المهدي عج ـ علم وعمل..!

منذ 11 شهر
الاثنين - 21 ابريل 2025

نافع الركابي ||

قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله : (من مات ولم يعرف إمام زمانه ماتَ ميتةً جاهليّة) ما هي المعرفة التي توجب رضا الامام عنا وماهي الواجبات والمسؤوليات المترتبة علينا في زمن الغيبة، وهل يكتفي الشخص بالواجبات أمثال الصوم والصلاة.. فقط؟

ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق لاحتياج لهم، ولكن هناك غايات وحكمة في ذلك، وحتى نجد الإجابة نذهب إلى قول الإمام الحسين عليه السلام: (أن الله عز وجل ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه) إذ أن كل شيء يسير على ضوء المعرفة، فحتى يتكامل الإنسان في هذا الوجود يحتاج في كل حركة منه إلى معرفة كما أخبر أمير المؤمنين عليه السلام كميل.

حتى نصبح على طريق الانتظار لابد من مسك وضبط حركة مقود المعرفة لكي لا ننحرف عن الطريق، ولكن اي انتظار ذلك؟ هل هو انتظار شيء عادي مثل صديق او اخ او قريب علينا، كلا.. بل هو انتظار إمام معصوم مفترض الطاعة سوف تتحقق على يديه دولة العدل الالهي، التي ستملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.

إن معرفة إمام الزمان تحتوي مراحل متعددة وهذا العنوان يندرج تحت مفهوم الانتظار، فالمرحلة الأولى.. ان يسير الشخص على نهج اهل البيت عليهم السلام في ترك المحرمات واتيان الواجبات والتمسك بالشريعة، المرحلة الثانية.. هو أن يكون على هدى المرجعية، كونها تمثل النيابة العامة للأمام صلوات الله عليه في غيبته، المرحلة الثالثة.. وهو دور البصيرة في تشخيص الحق من الباطل، ففي هذه المرحلة يكون التضليل الاعلامي في أوجه، وهو ما يحتم علينا تشخيص رايات الهدى واتباعها والابتعاد عن رايات الضلال.

المرحلة الرابعة.. هي ثمرة المعرفة وعليها يتوقف تكليف ومسؤولية المنتظر، فحتى يكون المنتظر متأهلا لحمل هذه التسمية يجب عليه أن يبحث عن معوقات غيبة أمامه ولماذا غاب.. فلكي نعرف ذلك يجب معرفة (شرائط الظهور)، وإن أول شروطه هو وجود القائد الذي يقود هذه الدولة وهذا الشرط متوفر بوجود الإمام المهدي عج ، وعليه لابد أن يكون هذا القائد معصوما كونه سينشر الإسلام في كل المعمورة ويرفع راية التوحيد، وهذا يعتبر شرطا ضمنيا في النبي او الامام حتى ينشر رسالته.

الشرط الثاني.. هي الاطروحة العادلة التي يأتي بها الإمام صلوات الله عليه، يعتبر هذا الشرط موجود والمتمثل بالدين الإسلامي، الشرط الثالث.. هو تحقق علامات الظهور الشريف، فمن دون تحقق العلامات الحتمية فلا يكون الظهور، لذلك تعتبر دراسة علامات الظهور من واجبات المنتظر قبل الظهور، فهي إشارات هادية إلى الهدف من الانتظار، وهي حاجة عقلية قبل أن تكون واجبة اخلاقيا وشرعيا، فعندما نعلم بقدوم ضيف عزيز، نكون على استعداد من تهيئة المكان وترقب قدومه في كل لحظة.. والعجب ممن يقول ببطلان مفهوم الاستعداد والتمهيد، وهو بكلامه هذا يخالف القرآن الكريم قال الله تعالى ((وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)) وكذا قول الإمام الصادق عليه السلام (ليعدن أحدكم لخروج القائم ولو سهماً، فإن الله إذا علم ذلك من نيته رجوت لأن ينسئ في عمره حتى يدركه، ويكون من أعوانه وأنصاره) وغيرها من الأحاديث والايات، وهذا أدق مصداق
للتمهيد.

الشرط الرابع.. استعداد القواعد الشعبية المناصرة، وهو الذي تتوقف عليه بقية الشروط، ويعتبر خلاصة المعرفة في فهم الانتظار الحقيقي، في هذه المرحلة تترجم الأقوال والنوايا إلى عمل ميداني وجهد كثيف، يقابل ما تعلمناه من مفهوم الانتظار والمعرفة، لذلك من دون هذا الشرط لا يتحقق الظهور، كون الأول متوقف على شرط الاستعداد، وهو ما يقع على عاتقنا من خلال نشر ماتعلمناه من ثقافة مهدوية على هدى المرجعية، تستنقذ الناس من بوادر الفساد والانحراف العقائدي وخاصة في القضية المهدوية، كون أن الحركات المنحرفة سرقت هذه القضية، واستغفلت الكثير من الشيعة، بسبب قلة الوعي والبصيرة، وهو ما يجب أن يتسلح به المنتظر مقدما.

إن استعداد القواعد الشعبية كما أشرنا يحتاج إلى تكاتف الأمة المنتظرة، وتحمل مسؤولياتها تجاه الامام المهدي المنتظر عج، إذ تتصاعد المسؤوليات كلما اقتربنا من الظهور الشريف، وهي علاقة طردية بين الاستعداد والظهور، وكما أشار السيد روح الله الخميني قدس سره الشريف (اننا نحن من نصنع علامات الظهور) فكان يعلم أن الاستعداد من كل النواحي ان كانت سياسية او عسكرية او تكنولوجية او ثقافية او وغيرها كفيلة بتعجيل ظهوره صلوات الله عليه.