درس عظيم خطه القدر ..!
السيد مانع الزاملي ||
لم نكن على موعد لما جرى للرئيس الايراني الراحل طاب ثراه ،وطاقمه الذي رافقه في زيارة عمل لشمال شرق البلاد، ولم يكن يهمنا فحوى الرحلة لأنها شأن دولة جارة لنا ، وفجأة وجدنا انفسنا في وسط الحدث ومن متابعيه الاشداء، لأن احداثه كانت ملفتة وجاذبة لكل ذي ضمير وحس انساني ، رئيس دولة ومرافقيه تفقد طائرته في ظروف جوية وفي منطقة شمالية تضاريسها ليست سهليه منبسطة وانما وعرة في كل تفاصيلها ، وعشنا ساعات طوال ، اطول من وقتها ، وتم العثور على الحطام ، واختلفت التفاسير من المراقبين ، فمن قائل سقطت ومن قال أسقطت، ومن يظن انها استهدفت ربما ، وذهب آخر لنظرية مؤامرة دولية ! وكل هذه التفاسير والتكهنات لم تتبناها الحكومة الايرانية، الحكومة التي عهدناها حكيمة في افعالها وردود افعالها، فهي متأنية دوما حتى وصفها البعض بانها تنتهج ( سياسة التنين) هذا الحيوان البحري الذي يتحرك ببطء لكن حركته مضمونة النتيجة بالفوز بطريدته وهكذا هي فعلا، لم نسمع بعد الرواية الرسمية من الحكومة الواثقة من خطواتها رغم فضاعة الخسارة ! واكتفت بأن هناك لجنة تحقيقية تبحث عن اسباب سقوط الطائرة وماهو السبب الحقيقي في ذلك ! الى هنا هو حال الحدث من حيث واقعيته ، لكن الذي شد الدنيا بأسرها وتفاعل الشعب الايراني جميعا مع كارثة فقدان رئيسه ، فلقد وصفوه بأوصاف لم نسمعها نحن البعيدون ، فهو يقال عنه رئيس الخدمة الذي لايعرف التعب كما وصفه المرشد بذلك ووصف فقده بفقد اخ ! وشاهدنا من خلال مانشر عنه انه كان من خدمة الامام الرضا عليه السلام وما اعظمها من صفه،وكانت والدته تسكن في بيت مساحته 80 مترا ، افقر واحد فينا يملك ثلاثة او اربع اضعاف بيتها ، وبأدوات بسيطة تكشف عن ما وراء هذا العظيم من زهد، لقد هرع الكل باكيا حزينا نادبا، وتفاعل العالم جميعا لفقده بأستثناء دول الشر المعروفة للجميع ، فلقد حضر تشييعه الملايين في كل ايران وحضرت المئات من الوفود الرسمية الدولية من رؤساء وملوك ووزراء ، ونصبت سرادق الفاتحة في كل العالم الذي فيه من يحترم هكذا نموذج راقي من القادة، وبقينا نحن نقلب كفينا لما وصلنا اليه من تقهقر طيلة عقود ! مع اننا نؤمن بما يؤمن به القوم ! انه درسا على المتصدين ان يتوقفوا عنده، فالعمر قصير والتواجد في سدة اتخاذ القرار ليس ازليا ونزول القضاء لايعلمه احد، لدينا درسا ومصيبة ينطبق عليها القول المأثور ( مصائب قوم عند قوم فوائد) فهل استفدنا او سنستفيد من الدرس بكل تفاصيله، ام ان سكر النعمة وبريق المطامع يجعلنا نعتقد ان الكل يموتون ماعدى نحن ! وهذه هي نزغة الشيطان ، لقد وضحت لنا الحادثة لؤم الاعداء وشماتتهم ويقيني ان الشماتة لاتنقص من قدر ومكانة المومنين والعظماء ، والشماتة والسباب جهد العاجزين المهزومين ، وفقدان هكذا عظماء سيخلفهم من هم من سنخهم، لان ايران ليست دولة حزب او مليشيا او قائد نائم ! بل هي دولة الفقيه الذي لايضيع عليه مسلك ، حادثة فقدان رئيسي ورفاقه درسا لابد ان يغتنم ( لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد )