رئيسي لمن يعتبر..!
مرتضى مجيد الزبيدي ||
رجل بسيط تبدو على ملامحه علامات الهيبة والوقار، ولنختصر التعبير ونقول متواضع بكاريزما قيادية جذابة، يرتدي زيه الحوزوي، بعمامة سوداء، تجمل وجهه ذو الشيبة ونور الإيمان، انه ودون اللقاب السيد إبراهيم رئيسي.
لنترك الألقاب والمناصب التي شغلها رئيسي ولنبتعد عن حادث تحطم طائرته أيضا، ولندع علميته الدينية والسياسية وشهادتي الدكتوراه في الفقه والمبادئ والماجستير في الحقوق الدولية على جنب، ونترك بحوثه ودراسته وتدريسه ونتوقف على ما هو أهم من كل ذلك.
السيرة الذاتية والمحطات العملية والسياسية والدينية للسيد إبراهيم كثيرة ومهمة على مستوى عالي جدا، يتعدى حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكن لنتناول ما فيه عبرة لنا، فالنتائج الجيدة والإنجازات لا تأتي فجأة، وانما بجهود حثيثة تتبع عادة على المواظبة بإرادة وسلوك منضبط.
كثير منا شاهد او سمع كيف تفاعل الشعب الإيراني مع نبأ اختفاء طائرة رئيسهم، وهم يخرجون ليلا الى الشوارع والأضرحة المقدسة، متضرعين بالدعاء من أجل نجاته الى الصباح، ليفجعوا بخبر رحيله، حتى خرج الإيرانيون بسيل بشري مليوني، من أجل تشييعه والوداع الأخير بالورود والدموع والحزن والأسى، والسؤال المحوري لماذا فعلوا ذلك؟
لماذا خرجوا ليلا رغم برودة الطقس يدعون لنجاته؟
ولماذا خرجت المسيرات المليونية لتشيعه؟
هل لأنه رجل دين بارز ام لأنه رئيس دولتهم؟
بحسب اعتقادنا إذا ما عدنا للمنطق، فكلا السببين مستبعدين وحقيقة الجواب ببساطة، لأنه كان ملهما لهم ومؤثرا فيهم.
أثر بشعبه بسلوك منضبط ليس متصنع، إنما سلوكه كان عادة شاب عليها، لأنه بحسب علوم الطاقة والنفس ونظريات الجذب والتأثير، انه لو كان متصنعا لما كان مؤثرا، وهذا يدخل أيضا بالمعتقدات من حيث النوايا، فبالإضافة الى الكاريزما الجذابة المؤثرة، كان متواضعا متفقدا لمختلف الشرائح والقوميات والمحافظات في دولته حتى آخر لحظات حياته، يدرس معطيات الأمور وحيثياتها، ويقف على الأسباب ليتنبأ بالنتائج، فيتصرف وفق الدراسة بدقة، لم يقفز الى المنصب او يبحث عنه، وانما تدرج بالمسؤوليات والمهام بنجاحات متتالية، وهذا ما كان معروفا عنه، وذلك في علم السياسية والإدارة من الأمور الجيدة، فالقائد الجيد هو من يتدرج شيئا فشيئا، وليس من يغفو ويصحو على تعينه بمنصب كبير، يجهل ابسط مقومات الإدارة والقيادة، ليلقى الفشل حليفه، ويخرج بعد المدة المقررة بسبب المحاصصة ملوما مدحورا، فبالنهاية القائد لا ينجح إلا بالإتقان والخبرة والخطوات المدروسة، والإنسان لا يكون مؤثر إلا اذا كان صادقا في نواياه، اما ان يكون ملهما فهذا بحاجة الى توفيق حقيقي لا يناله إلا ذو حظ عظيم، ولنسأل حظنا العاثر بساسة الصدفة والمحاصصة، من منهم ملهما مؤثرا صادقا، يدعو له الشعب اذا مسه الضر؟ ويبكي عند رحيله؟ والعبرة لمن يعتبر.