العراق والسعودية..افاق مستقبلية وشراكة مستدامة؟!
محمد الكعبي ||
يسعى الجميع لتحقيق مصالحه، ويعمل على ترسيخها بكل الطرق، وهذا يشكل نقطة قوة في سجل الدول، واليوم نعيش مرحلة حساسة في تأريخ المنقطة، لما تعيشه من ارهاصات وتداعيات كبرى، قد تكون مقدمات لتغييرات كبيرة ومفصلية في المستقبل القريب أو المتوسط، وخصوصا مع دخول اللاعبين الدوليين، من قبيل اميركا والصين وروسيا وبعض الدول الاوربية، وهذا يفرض على الجميع العمل بشكل سريع ومكثف على تجديد الخطاب والخطط والقرارات والعلاقات التي تحول دون المساس بمستقبل الدول وامنها وتعزز استقرارها على جميع المستويات، وينبغي المحافظة على المكتسبات واستخدام كل الوسائل لديمومتها وتطويرها، وان وجود رؤية جادة وسليمة بين جمهورية العراق والمملكة العربية السعودية كان لها الدور الكبير والفاعل في تعزيز العلاقات الثنائية وترسيخ مبدأ حسن الجوار وتوثيق العلاقات بين الدولتين، وكان من ثمرته ابرام الاتفاقيات والشراكة في كثير من الملفات، والتي تعود بالنفع للجميع، فضلا عن انعكاسها على المنطقة بشكل ايجابي، وانها فرصة جيدة للفاعل السياسي للبلدين، من تعزيز العلاقات وتوسيع افاق الشراكة وتطويرها من خلال فتح آفاق جديدة للتعاون الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأمني بين الدولتين، وان يكون للبلدين محورية في القضايا المهمة والحساسة في المنطقة والعالم، لما يملكان من مقومات تؤهلهما لغرض هيبتهما في قضايا المنطقة والعالم، وذلك من خلال استثمار جميع الفرص، وتسخير الطاقات لكسب المزيد من الاستقرار السياسي والامني والنمو الاقتصادي بينهما، فالاتفاقات والتفاهمات المبرمة بين الطرفين، فتح الباب على مصراعيه للمشاركة والمؤالمة مع دول العالم لإنشاء شراكة استراتيجية جديدة وفق توقيتات مدروسة بعناية لمصلحة البلدين والمنطقة.
إن العلاقات بين الدول من خلال مبدأ حسن الجوار والمصالح المشتركة بعيدا عن لغة المحاور والتخوين والتدخل في الشؤون الداخلية عوامل مهمة في تعزيز العلاقات وتطويرها واستدامتها وخصوصا بين العراق والسعودية لما يملكان من بعد تأريخي وحضاري وارث اجتماعي وخزين ثقافي وطاقات بشرية عملاقه، فالشراكة العراقية السعودية اسقطت الكثير من الرهانات السياسية للكثير ممن يتصيد بالماء العكر وفتح الباب على مصراعيه لبناء اعمق واوسع، وان المصالح المشتركة بين الدول تلعب دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر وتعزز التواصل والتعاون بينها، وان انهاء الازمات والمشاكل وتجفيف منابع النزاع مطلب جميع العقلاء لأنها تعود لمصلحة الجميع وهذا ما تسعى اليه الحكومات الحكيمة الرشيدة، اما التي تعيش العقد وتفكر بلغة المؤامرة والتخوين فإنها لا تبرح أن تخرج من مازق لتدخل بآخر ، فحريا بالحكومات أن تفكر بمصلحة شعوبها وتطور مبانيها المفهومية وتعمل على حماية مصالحها. إن أمن واستقرار الشرق الأوسط يشكل هاجسا لدى العراق والسعودية مما يجعلهما يسعيان إلى إحراز تقدم في اغلب الملفات من اجل مستقبل زاهر ومستقر في المنطقة بعيدا عن التدخلات الخارجية والاملاءات والضغوط وهذا بحد ذاته انتصار للدبلوماسية، وقد جاء توقيع الاتفاقيات والتفاهمات في وقت تعيش المنطقة ازمات وتحديات جيوسياسية واقتصادية كبيرة تستدعي من الجميع العمل على انهاء جميع اشكال التوتر والاحتقان والخلافات مع جميع دول المنطقة والسعي الحثيث لتحقيق الأمن والاستقرار، وان الشراكة العراقية السعودية خطوة جريئة لملأ الفراغات من خلال تغيير بعض الاعدادات في المنطقة على المستوى السياسي والاقتصادي المتعلقة بالأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط والخليج خصوصاً وبالتحديد ما يتعلق بأمن الممرات البحرية وقيمتها الاقتصادية العالمية والنفط والغاز وغيرها من مصادر القوة.
(شكرا لمن يعي السياسة ويعمل لبلده، فليتعلم الجاهل كيف يُصنع النصر)