نجوم في سماء الحق (الشهيد مفقود الأثر فائق هادي الخزعلي)..!
إنتصار الماهود ||
هم نجوم طرزت سماء الوطن، ورسمت طريقا للأحرار كي يتبعوه بعدهم، شهداء لكنهم أحياء عند ربهم يرزقون، سيرهم الخالدة تعطر مجالسنا بعبق لا مثيل له حين نذكر شهيدا أو مجاهدا، فخورون نحن بما قدموه وممتنون لتضحياتهم التي قدموها للوطن، وبفضل دمائهم الزاكية ننعم بالحياة.
شهيدنا اليوم مفقود الأثر لم نعثر على جثمانه الطاهر ليدفن، فقد إختارت المجاميع التكفيرية دفنه هو وصديقه بمكان لم يعرف حتى يومنا، إنه الشهيد السعيد فائق هادي سيد حسن ال عبد العال الحريشاوي الخزعلي، ولد في مدينة الصدر عام 1978 معقل الأبطال ومقاومة الاحتلال، نشأ في كنف أسرة متدينة محبة لآل البيت عليهم السلام وتنتهج خط الشهيد الصدر قدس سره الشريف، كان يحمل من الأخلاق والتواضع وطيب المعشر، مما جعله محبوبا للجميع، كان مقربا وخادما لوالديه خاصة والدته، بسبب بعد أخويه الأكبرين عنها بسبب دراستهم الحوزوية وعملهم الجهادي، فكان نعم الأنيس والرفيق لها، حسيني لا تاخذه في الدين لومة.
شارك في إنتفاضة جامع المحسن في عام 1999 بعد إستشهاد المولى المقدس، وإصيب برصاصة في رأسه نقل على إثرها خارج مدينة الصدر بواسطة أصدقائه، بعيدا عن أعين أزلام الهدام ومطاردتهم للعائلة المجاهدة.
بعد عام 2003 كان أول المتطوعين بصفوف المقاومة العراقية ضد المحتل، وتم تشكيل (المجاميع الخاصة على يد الشيخ قيس الخزعلي، ومن ابرز القادة هم الشيخ أكرم الكعبي والسيد محمد الطباطبائي، وتم إختيار مجموعة من الشباب الواعي المؤمن بعقيدته ومذهبه متسلحين بالصبر والقوة والصمود، هم مجموعة لن تتهاون حتى تحقق الهدف والغاية، من تأسيس هذه الحركة مهما كانت النتائج، ومهما بلغ حجم التضحيات المقدمة.
كان للشهيد دور في خوض معارك إنتفاضة النجف الأشرف عام 2004 ضد الأمريكان، ومنهم الشهيد فائق الخزعلي، حيث كان له دور كبير في نقل العتاد والسلاح للمجاهدين، رغم خطورة هذا العمل وإمكانية إلقاء القبض عليه من قبل قوات الإحتلال وسجنه.
برع الشهيد الخزعلي في التخطيط العسكري، حتى إتخذ أسلوب حرب العصابات وإستعمل تكنيك إستنزاف العدو بضربات مموهة، لجره لمناطق يسهل السيطرة عليها لتكبيده أشد الخسائر.
تدرب على صنف الدفاع الجوي، خاصة مقاومة الطائرات برفقة القادة الشهداء، ( صفاء الشاوي ابو كوثر و أبو ياسين المالكي) والذين تم تدريبهم على أهم أسلحة الدفاع الجوي، (SAM7)(GRAD1)، كان بارعا وذكيا في تعلم كل شيء يطلب منه يخص تطوير أفراد الحركة، وتعليمهم لأنه كان يؤمن أن زكاة العلم نشره، وأن التكليف الشرعي أهم وأعظم .
لم يكن غريبا على رجال المجاميع الخاصة،(عصائب أهل الحق) أن تنفذ عمليات نوعية ضد الإحتلال توجعه، فقد تمكنت المقاومة من إسقاط مروحية طراز (لينكس) في ربيع عام 2006 في البصرة، بإستخدام صاروخ ستريلا الروسي على يد الشهيد فائق ويقتل من فيها، وهم نخبة من ضباط الجيش البريطاني، وكانت تلك ضربة موجعة وجهها المقاومون حيث حملت تلك المروحية شخصيات مثل، (جون كوكس وهو أحد أبرز الضباط البريطانيين، والذي قدم الى العراق بجولة لإستكشاف الأخطار التي من المحتمل أن يتعرض له القوات البريطانية في البصرة، حتى قتل على يد أبطال المقاومة، تخيل المفارقة العجيبة؟!، وتم قتل سارة جين ملفيهيل وهي من نخبة ضباط الجيش البريطاني إضافة الى ثلاثة آخرين).
لم يكن الهدف عشوائيا أبدا ولم تكن تلك الضربة محض صدفة، بل كانت عملية مدبرة ومخطط لها بدقة، وتم الرصد لها لمدة ايام عديدة دون راحة من أبطال المقاومة، أما سلاح الأبطال فكان صاروخ (ستريلا الروسي) عادي غير جاذب للأنظار.
رغم إن المقاومة عصائب أهل الحق كان إستهدافها للقوات المحتلة فقط، ولم يكن لها تصادم مع أبناء بلدها من الطوائف والمذاهب الأخرى، الإ أن بعض الذيول العميلة لأمريكا من ابناء أنفسنا، المدعومة والمدفوعة كانت ترصد حركات أبطال المقاومة، وتتابعهم لتتم تصفيتهم أو سجنهم، قام تنظيم (التوحيد والجهاد) التكفيري، بتتبع الشهيد فائق من أجل إغتياله، حيث تتبعته في أحد الأيام وهو عائد برفقة صديقه المنشد عامر الدلفي، من زيارة والده الحاج هادي والذي كان مسجونا لدى الإحتلال الامريكي، تتبعوا العجلة الخاصة بهم وأمطروه بالرصاص، ليخترق جسده الطاهر بعد أن قاومهم ليرتقى هو صديقه شهداء.
لم يؤلمنا إستشهاد أبنائنا المقاومين، بقدر ما يؤلمنا إننا لم نعثر لهم على جسد ليدفن، فقد دفنهم التكفيريون في أحد بساتين أبو غريب، دون الإستدلال على مكان الدفن، إستشهد وهو لم يرى وحيده (يحيى)، الذي ولد بعد إستشهاده، (عريس بعده شهيدنا لا دفناه ولا زفيناه)، تخيل حال والدته التي لم تبكي على قبره ولم تودعه للمرة الأخيرة لم يحمل له نعش على الأكتاف ولم يدفن بجوار ابا الحسن والحسين عليهم السلام .
وهكذا طويت صفحة شهيد، وأفُل نجم من نجوم الحق أضاء سماء الوطن، بتضحياته وبطولاته، فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوك يبعث حيا.